تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٧٢
واليقين بهذا المعنى كثير في الاخبار، ومن المعلوم ان الحجة موجودة في الكتاب والسنة وقد قامت الحجة على كثير من الاحكام ووصلت إلينا وصولا متعارفا، فمع عدم الفحص يشك في تحقق ما هو موضوع البراءة، وان أبيت فلاحظه لسان أدلتها فان قوله تعالي ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا من أدلة البراءة وأوضحنا مفاده وهو كما ترى جعل بعث الرسول غاية لرفع التعذيب وقد عرفت ان المراد ولو بمعونة مناسبة الحكم والموضوع من بعثه هو تبليغ احكامه وايصال شريعته على النحو الدائر بين العقلاء، فيدل انه لو بلغ الرسول وأتم الحجة، لوقع التعذيب على فرض المخالفة، هذا مفاد الآية والمفروض ان الرسول قد بلغ، وأتم البيان بالكتاب والسنة، فلا يجوز الصفح عنهما.
ومثله قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها، بناءا علي دلالتها، ومثله الروايات المذكورة في بابها من قوله عليه السلام انما يحتج على العباد بما آتيهم وعرفهم وقوله كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى، فتلك الأدلة صريحة في تقيد البراءة بورود النهى وما في معناه، والمفروض ورود النهى في مظانه، ولو فرض هنا اطلاق يقيد بهذه الأدلة.
ومع الغض عما ذكرنا كله فلا شك ان ما يدل على وجوب التعلم والتفقه في الدين، حاكم على اطلاق أدلة البراءة واليك نماذج من هذه الروايات مثل قوله صلى الله عليه وآله طلب العلم فريضة على كل مسلم وما في مرسلة الكافي عن علي عليه السلام الا وان طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال إلى أن قال: والعلم مخزون عند أهله وقد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه وما في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو اعرابي وما في الكافي عن يونس عن بعض أصحابنا قال سئل أبو الحسن هل يسع الناس ترك مسألة عما يحتاجون إليه فقال لا وما في الكافي في الصحيح قال أبو عبد الله لحمران بن أعين في شئ سئله انما يهلك الناس لانهم لا يسئلون.
وما ورد في تفسير قوله تعالي فلله الحجة البالغة، وما ورد فيمن أطال الجلوس في بيت الخلا، وما ورد في غسل المجدور إلى غير ذلك من الروايات، ولا شك في حكومة تلك الطائفة
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست