في موردين: (الأول) الجهر بالقرائة في موضع الاخفات وبالعكس جهلا بالحكم ولو عن تقصير (الثاني) الاتمام في موضع وجوب القصر، فان الأصحاب قد افتوا في هذين الموضعين تبعا للنصوص بصحة الصلاة مع الجهل بالحكم ولو عن تقصير مع التسالم على استحقاق العقاب على ما هو مقتضى اطلاق كلامهم من عدم معذورية الجاهل المقصر، فأوجب ذلك اشكالا في المقام، لأنه لو كان المأتى به هو المأمور به فلا وجه لاستحقاق العقاب، والا فلا وجه للصحة، وان شئت قلت: ان وجوب الجهر والاخفات كذا القصر، ان توقف علي العلم به فهو يستلزم الدور المعروف، وإن كان غير متوقف عليه فيلزم، عدم صحة الصلاة، لعدم الاتيان بالمأمور به، وإن كان من باب تقبل العمل الناقص بعد وجوده بدلا عن الكامل، وسقوط ما كان واجبا من قبل، فهو مما يأباه العقل من سقوط الواجب مع بقاء وقته مع المؤاخذة على تركه، وان قلنا:
بعدم استحقاقه العقوبة فهو ينافي مع ما تسالموا عليه من عدم معذورية الجاهل و استحقاقه للعقوبة و (الحاصل) انه كيف يجتمع الصحة والعقوبة مع بقاء الوقت فان الناقص لو كان وافيا لمصلحة التام فيصح العمل ولا يستحق العقاب، والا فلا وجه للصحة، الا إذا كان الناقص مأمورا به وهو خلاف الواقع للاجماع على عدم وجوب صلوتين في يوم واحد.
ولقد أجاب عن هذه العويصة ثلة من المحققين لا بأس بالإشارة إلي تلك الأجوبة الأول: ما افاده المحقق الخراساني: من احتمال كون الناقص واجدا لمصلحة ملزمة مضادة في مقام الاستيفاء مع المصلحة القائمة بالتام، والتام بما هو تام مشتمل على مصلحة ملزمة، ويكون مأمورا به لا الناقص لكن مع الاتيان بالناقص يستوفي مقدار من المصلحة المضادة لمصلحة التام فيسقط أمر التام لأجله، ويكون الصلاة صحيحة لأجل استيفاء تلك المصلحة انتهى وهذا الجواب يدفع الاشكال بحذافيره اما صحة الصلاة المأتى بها، فلعدم توقفها على الامر، واشتمالها على المصلحة الملزمة، واما العقاب فلانه ترك المأمور به عن تقصير والاتيان بالناقص أوجب سقوط امره قهرا، وعدم امكان استيفاء الفائتة من المصلحة، لأجل عدم اجتماعها