تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٤١
الطبيعي الذي له افراد، فان كل فرد من الطبيعي وان لم يكن بعضا منه بل عينه و هكذا الفرد الآخر الا انه مقتضى حكم العقل الدقيق، واما في نظر العرف الساذج فان الطبيعي عندهم بمنزلة مخزن يخرج منه الافراد، يكون كل فرد بعضا منه، فيكون منطبقا على التبعيض بالحمل الشايع عرفا.
وان أبيت فالعرف ببابك فان استعمال كلمة " من " التبعيضية في الكلى الذي له افراد، شايع في العربية وغيرها وأوضح من الجميع انه لو قال القائل: إذا امرتكم بطبيعة الصلاة فأتوا منها كل فرد يكون في استطاعتكم، لكان قولا صحيحا من دون استلزامه تجوزا.
فتلخص ان كون " من " تبعيضية، ليس مانعا من حمل الرواية على الأعم، و ان غاية ما يقتضيه التبعيض، كون المدخول متقطعا مما قبلها بنحو من الاقتطاع، أو يكون ما قبلها كالمخزن لما بعدها كالكلي بالنسبة إلى افراده وهو حاصل في المقام.
هذا كله مع قطع النظر عما قبله، واما مع ملاحظة صدره، فالظاهر منه إرادة الافراد، لا الاجزاء ولا الأعم منهما، فان الحديث وارد في حجة الوداع حيث إنه صلى الله عليه وآله قام خطيبا وقال: ان الله كتب عليكم الحج فقام عكاشة ويروى سراقة بن مالك فقال في كل عام يا رسول الله فاعرض عنه حتى أعاد مرتين أو ثلاثا فقال ويحك وما يؤمنك ان أقول نعم والله لو قلت نعم لوجب ولو وجب ما استطعتم ولو - تركتم لكفرتم فاتركوا مما تركتم، وانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم إلى أنبيائهم فإذا امرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه.
وجه الظهور: ان اعراضه صلى الله عليه وآله عن الراوي لأجل انه انما سئل عما هو واضح لدى العقل، وهو انه إذا أوجب المولى شيئا يسقط امره بالاتيان بأول مصداق منه، ومع هذا لا مجال للاصرار، ويوضحه قوله صلى الله عليه وآله أو يحك ما يؤمنك ان أقول والله لو قلت نعم لوجب أي لوجب كل سنة، فهو ظاهر في أن حكم العقل أعني الاكتفاء بأول مصداق منه، محكم ما لم يرد منه خلافه، واما مع الورود فيتبع مقدار دلالة الدليل الوارد
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست