في لزوم ترجيح قول الأعلم وعدمه ثم انك قد عرفت ان ما هو الأقرب من هذه الوجوه، ما اخترناه من أن المناط هو الغاء احتمال الخلاف، و (عليه) فهذا المناط موجود في رأى الأعلم وغيره ضرورة ان العقلاء يعملون بقول المفضول عند عدم قول الفاضل، وهذا يدل على كونه واجدا لملاكه كان الفاضل موجودا أو لا، اتفق رأيهما أو اختلفا، والالزم أن يكون عملهم في حال عدم وجود الأعلم، فاقدا للمناط وهو باطل بالضرورة أو لزم ان يختص وجود المناط فيه بصورة خاصة وهو عدم وجود رأي الأعلم المخالف له وهو كما ترى.
وتقديم رأى الأفضل على غيره عند التعارض لا يدل على عدم كونه واجدا للملاك، بل هو من باب تقديم إحدى الحجتين على غيرها، مع كونها امارة عقلائية حجة في حد نفسه لأجل موهومية الخطاء فيه كما هو الملاك في حجية قول الأعلم.
ثم إنه ينبغي البحث عن بناء العقلاء في تقديم رأي الأعلم بالمخالفة اجمالا أو تفصيلا، هل هو على نحو اللزوم، أو من باب حسن الاحتياط، لا يبعد الثاني، لكون الرأيين واجدين للملاك، وشرائط الحجية والأمارية، واحتمال أقربية قول الأعلم ليس على وجه يلزمهم على التقديم، ولذا تراهم، يراجعون المفضول من أهل الفن مع وجود الفاضل في البلد معتذرين عن ذلك باعذار لا يعد عذرا عند العقل والعقلاء من بعد طريقه وسوء خلقه، ونحو ذلك، مع علمهم بمخالفة أهل الفن في تشخيصاتهم اجمالا وهذا يدل على أن ترجيح الأفضل ليس على حد اللزوم، وترجيح رأيه أحيانا، لا يدل على لزومه، كما أنه لو قدر واحد على تحصيل اجماعهم في موضوع لفعل، لا لطرد قول المفضول والفاضل، بل لترجيح الاحتياط المنجى على كل حال، و (عليه) فمقتضى القاعدة هو الاحتياط لدى التعارض والعلم بمخالفتهما تفصيلا أو اجمالا وان لم يمكن فالتخيير لكونهما واجدين لما هو الملاك، وإن كان ترجيح قول الأفضل حقا.
ولكن التحقيق خلافه، فان الاعتماد علي قول المفضول مع معارضته لقول