إذا لا يمكن للناس النفر العمومي فلم لا ينفر طائفة منهم فإنه ميسور لهم وبالجملة لا يجوز لهم سد باب التعلم والتفقه بعذر الاشتمال بأمور الدنيا فان أمر الدين كسائر أمورهم يمكن قيام طائفة به فلابد من التفقه والانذار فلا اطلاق لها يدل على وجوب القبول بمجرد السماع فضلا عن اطلاقها لحال التعارض، والانصاف انها أجنبية عن حجية قول المفتى وكذا عن حجية قول المخبر بل مفادها والعلم عند الله تعالى انه يجب على طائفة من كل فرقة: التفقه في الدين والرجوع إلى قومهم للانذار بالمواعظ والبيانات الموجبة لحصول الخوف في قلوبهم لعلهم يحذرون ويحصل في قلوبهم الخوف من الله تعالى (فح) يدور رحى الديانة ويقوم الناس بأمرها لا محالة.
هذا كله إذا قصرنا النظر إلى نفس الآية، واما إذا لاحظنا الروايات الواردة في تفسيرها فالامر أوضح فقد استدل الامام في عدة منها بها على لزوم معرفة الامام، وان الامام إذا مات لم يكن للناس عذر في عدم معرفة الامام الذي بعده، اما من في البلد فلرفع حجته واما غير الحاضر فعليه النفر إذا بلغه، وفي رواية أخرى يجب على الناس الفحص عن الامام إذا مات، بنفر طائفة منهم وان النافرين في عذر ما داموا في الطلب والمنتظرين في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم ومعلوم ان قول النافرين ليس بحجة في باب الإمامة.
ثم ورد في تفسيرها روايات أخر منها: ما تمسك الامام بهذه الآية في بيان منافع الحج وان فيه التفقه ونقل الروايات إلى الناس، ونشرها في النواحي، منها: ما استدل به الإمام علي لزوم التفقه فقد روى علي بن حمزة قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول تفقهوا في الدين فان من لم يتفقه فهو اعرابي ان الله يقول في كتابه ليتفقهوا في الدين الخ، ومنها ما فسر الامام بها، الرواية المأثورة عن النبي:
اختلاف أمتي رحمة، فقال (ع) المراد، اختلافهم نحو الحديث وان الله تعالى يقول فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة وهذه الطائفة من الروايات على تسليم اسنادها لا اطلاق ولا دلالة لها على وجوب قبول قول الراوي بمجرد السماع فضلا عن شمولها لحال اختلاف فاضله و