نعم لا يجوز إيقاع الضرر ابتداء على الغير ولو لزم من تركه الضرر عليه، وهذا غير لزوم الضرر عليه من التصرف في ملكه، كما هو ظاهر.
هذا إذا لزم من ترك التصرف في ملكه ضرر أو حرج عليه، ومنه ما إذا لزم من تركه فقدان المنفعة المعتد بها، فإن حبس المالك عن الانتفاع بملكه حرج عليه. وأما مع عدم لزومهما فلا يجوز له التصرف الموجب لهما.
وكذا على مسلك القوم (1) في معنى الحديث يمكن دعوى ذلك الانصراف; لأنه قاعدة امتنانية، ومقتضى الامتنان ذلك.
وبالجملة: دليل الضرر منصرف عما يلزم من رفعه إثبات الضرر، وأما إذا لم يلزم ذلك - كما لو حفر بئرا لمجرد الإضرار بالجار ولغوا - فلا يجوز.
وقد يقال فيما يلزم الضرر: إن جواز حفر البئر ضرري; لتضرر الجار به، ومنع تصرف المالك في ملكه ضرري لتضرر المالك به، فيتعارض الضرران، فيرجع إلى قاعدة السلطنة أو إلى الأ صول العقلية والشرعية.
ولو لزم من الحفر وتركه الحرج لتعارض الحرجان، ولو كان أحدهما حرجيا والآخر ضرريا تعارضا، إلا أن يقال: دليل الحرج حاكم على دليل الضرر، فيختلف حكم صور المسألة:
ففي صورة تعارض الضررين أو الحرجين يقدم حق المالك لقاعدة السلطنة أو الأصول.