وهنا لم يلاق البدن إلا أحد طرفي الشبهة وهو الطرف الأعلى وأما الطرف الأسفل - وإن لاقاه - فإنه قد خرج عن طرف الشبهة - حسب الفرض - بتطهيره يقينا، فلا معنى للحكم بنجاسة ملاقيه.
والنكتة في الشبهة أن هذا الاستصحاب يبدو من باب استصحاب الكلي من القسم الثاني، ولا شك في أن مستصحب النجاسة لابد أن يحكم بنجاسة ملاقيه، بينما أنه هنا لا يحكم بنجاسة الملاقي. فيكشف ذلك عن عدم صحة استصحاب الكلي القسم الثاني.
وقد استقر الجواب عند المحققين عن هذه الشبهة على: أن هذا الاستصحاب ليس من باب استصحاب الكلي، بل هو من نوع آخر سموه " استصحاب الفرد المردد " وقد اتفقوا على عدم صحة جريانه، عدا ما نقل عن بعض الأجلة في حاشيته على كتاب البيع للشيخ الأعظم. إذ قال بما محصله: بأن تردده بحسب علمنا لا يضر بيقين وجوده سابقا، والمفروض أن أثر القدر المشترك أثر لكل من الفردين، فيمكن ترتيب ذلك الأثر باستصحاب الشخص الواقعي المعلوم سابقا، كما في القسم الأول الذي حكم الشيخ فيه باستصحاب كل من الكلي وفرده (1).
أقول: ويجب أن يعلم - قبل كل شئ - الضابط لكون المورد من باب " استصحاب الكلي القسم الثاني " أو من باب " استصحاب الفرد المردد ".
فإن عدم التفرقة بين الموردين هو الموجب للاشتباه وتحكم تلك الشبهة.
إذا ما الضابط لهما؟
إن الضابط في ذلك: أن الأثر المراد ترتيبه إما أن يكون أثرا للكلي (أي أثر لذات الحصة من الكلي لا بما لها من التعين الخاص والخصوصية