وأما ثانيا: فلأ أنه من الواضح أيضا أن الحق أن نسبة الكلي إلى أفراده من قبيل نسبة الآباء إلى الأبناء، لأ أنه من الضروري أن الكلي لا وجود له إلا بالعرض بوجود أفراده.
وفي مقامنا قد وجدت حصة من الكلي وقد ارتفعت هذه الحصة يقينا، والحصة الأخرى منه في الفرد الثاني هي من أول الأمر مشكوكة الحدوث، فلم يتحد المتيقن والمشكوك.
وبهذا يفترق القسم الثالث عن القسم الثاني من استصحاب الكلي، لأ أنه في القسم الثاني - كما سبق - ذات الحصة من الكلي المتعينة واقعا المعلومة الحدوث على الإجمال هي نفسها مشكوكة البقاء، حيث لا يدرى أنها الحصة المضافة إلى الفرد الطويل أو الفرد القصير.
وبهذا أيضا يتضح أنه لا وجه للتفصيل المتقدم الذي مال إليه الشيخ الأعظم، فإن احتمال وجود الفرد الثاني في ظرف وجود الفرد الأول لا يقدم ولا يؤخر ولا يضمن الوحدة الخارجية للمتيقن والمشكوك إلا إذا قلنا بمقالة من يذهب إلى أن نسبة الكلي إلى أفراده من قبيل نسبة الأب الواحد إلى أبنائه، وحاشا الشيخ أن يرى هذا الرأي! ولا شك أن الحصة الموجودة في ضمن الفرد الثاني من أول الأمر مشكوكة الحدوث، وأما المتيقن حدوثه فهو حصة أخرى وهي في عين الحال متيقنة الارتفاع.
ويكون وزان هذا القسم وزان استصحاب الفرد المردد الآتي ذكره.
تنبيه:
وقد استثني من هذا القسم الثالث ما يتسامح به العرف، فيعدون الفرد اللاحق المشكوك الحدوث مع الفرد السابق كالمستمر الواحد، مثل ما لو علم السواد الشديد في محل وشك في ارتفاعه أصلا أو تبدله بسواد أضعف، فإنه في مثله حكم الجميع بجريان الاستصحاب. ومن هذا الباب