تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٢٢
فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت «أعد الله لهم» بسبب ذلك «عذابا شديدا» نوعا من العذاب متفاقما «إنهم ساء ما كانوا يعملون» فيما مضى من الزمان المتطاول فتمرنوا على سوء العمل وضروا به وأصروا عليه «اتخذوا أيمانهم» الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة وقرئ بكسر الهمزة أي إيمانهم الذي أظهروه لأهل الإسلام «جنة» وقاية وسترة دون دمائهم وأموالهم فالاتخاذ على هذه القراءة عبارة عن التستر بما أظهروه بالفعل وأما على القراءة الأولى فهو عبارة عن إعدادهم لأيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية والخيانة واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها أيضا كما يعرب عنه الفاء في قوله تعالى «فصدوا» أي الناس «عن سبيل الله» في خلال أمنهم بتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم «فلهم عذاب مهين» وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم وقيل الأول عذاب القبر أو عذاب الآخرة «لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله» أي من عذابه تعالى «شيئا» من الإغناء روى أن رجلا منهم قال لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأموالنا وأولادنا «أولئك» الموصوفون بما ذكر من الصفات القبيحة «أصحاب النار» أي ملازموها ومقارنوها «هم فيها خالدون» لا يخرجون منها أبدا «يوم يبعثهم الله جميعا» قيل هو ظرف لقوله تعالى لهم عذاب مهين «فيحلفون له» أي لله تعالى يومئذ على انهم مسلمون «كما يحلفون لكم» في الدنيا «ويحسبون» في الآخرة «إنهم» بتلك الأيمان الفاجرة «على شيء» من جلب منفعة أو دفع مضرة كما كانوا عليه في الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن أرواحهم وأموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية «ألا إنهم هم الكاذبون» المبالغون في الكذب إلى غاية لا مطمح وراءها حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه كما تروجه عن الغافلين
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة