تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٢٠
المعهودة التي هي التناجى بالإثم والعداون «من الشيطان» لا من غيره فإنه المزين لها والحامل عليها وقوله تعالى «ليحزن الذين آمنوا» خبر آخر أي إنما هي ليحزن المؤمنين بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم «وليس بضارهم» أي الشيطان أو التناجى بضار المؤمنين «شيئا» من الأشياء أو شيئا من الضرر «إلا بإذن الله» أي بمشيئته «وعلى الله فليتوكل المؤمنون» ولا يبالوا بنجواهم فإنه تعالى يعصمهم من شره «يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا» أي توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض ولا تتضاموا من قولهم افسح عنى أي تنح وقرئ تفاسحوا وقوله تعالى «في المجالس» متعلق بقيل وقرئ في المجلس على ان المراد به الجنس وقيل مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وكانوا يتضامون تنافسا في القرب منه عليه الصلاة والسلام وحرصا على استماع كلامه وقيل هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله تعالى مقاعد للقتال قيل كان الرجل يأتي الصف ويقول تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة وقرئ في المجلس بفتح اللام فهو متعلق بتفسحوا قطعا أي توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه «فافسحوا يفسح الله لكم» أي في كل ما تريدون التفسح فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغيرها «وإذا قيل انشزوا» أي انهضوا للتوسعة على المقبلين أو لما أمرتم به من صلاة أو جهاد أو غيرهما من أعمال الخير «فانشزوا» فانهضوا ولا تتثبطوا ولا تفرطوا وقرئ بكسر الشين «يرفع الله الذين آمنوا منكم» بالنصر وحسن الذكر في الدنيا والإيواء إلى غرف الجنان في الآخرة «والذين أوتوا العلم» منهم خصوصا «درجات» عالية بما جمعوا من أثرتى العلم والعمل فإن العلم مع علو رتبته يقتضى العمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شأوه العمل العاري عنه وإن كان في غاية الصلاح ولذلك يقتدى بالعالم في أفعاله ولا يقتدي بغيره وفي الحديث فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب «والله بما تعملون بصير» تهديد لمن لم يتمثل بالأمر وقرئ يعملون بالياء التحتانية «يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول» في بعض شؤنكم المهمة الداعية إلى مناجاته عليه الصلاة والسلام «فقدموا بين يدي نجواكم صدقة» أي فتصدقوا قبلها مستعار ممن له يدان وفي هذا الأمر تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وانفاع الفقراء والزجر عن الإفراط في السؤال والتمييز بين المخلص والمنافق
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة