تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٢٦
مما أضعف قوتهم وفل شوكتهم وسلب قلوبهم الأمن والطمأنينة وقيل الضمير في أتاهم ولم يحتسبوا للمؤمنين أي فأتاهم نصر الله وقرئ فتاهم أي فآتاهم الله العذاب أو النصر «وقذف في قلوبهم الرعب» أي أثبت فيها الخوف الذي يرعبها أي يملؤها «يخربون بيوتهم بأيديهم» ليسدوا بما نقضوا منها من الخشب والحجارة أفواه الأزقة ولئلا يبقى بعد جلائهم مساكن للمسلمين ولينقلوا معهم بعض آلاتها المرغوب فيها مما يقبل النقل «وأيدي المؤمنين» حيث كانوا يخربونها إزالة لمتحصنهم ومتمنعهم وتوسعا لمجال القتال ونكاية لهم وإسناد هذا إليهم لما أنهم السبب فيه فكأنهم كلفوهم إياه وأمروهم به قيل الجملة حال أو تفسير للرعب وقرئ يخربون بالتشديد للتكثير وقيل الإخراب التعطيل أو ترك الشئ خرابا والتخريب النقض والهدم «فاعتبروا يا أولي الأبصار» فاتعظوا بما جرى عليهم من الأمور الهائلة على وجه لا يكاد يهتدى إليه الأفكار واتقوا مباشرة ما أداهم إليه من الكفر والمعاصي أو انتقلوا من حال الفريقين إلى حال أنفسكم فلا تعولوا على تعاضد الأسباب بل توكلوا على الله عز وجل وقد استدل به على حجية القياس كما فصل في موقعه «ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء» أي الخروج عن أوطانهم على ذلك الوجه الفظيع «لعذبهم في الدنيا» بالقتل والسبي كما فعل ببنى قريظة «ولهم في الآخرة عذاب النار» استئناف غير متعلق بجواب لولا جئ به لبيان أنهم إن نجوا من عذاب الدنيا بكتابة الجلاء لا نجاة لهم من عذاب الآخرة «ذلك» أي ما حاق بهم وما سيحيق «بأنهم» بسبب أنهم «شاقوا الله ورسوله» وفعلوا ما فعلوا مما حكى عنهم من القبائح «ومن يشاق الله» وقرئ يشاقق الله كما في الأنفال والاقتصار على ذكر مشاقته تعالى لتضمنها لمشاقته عليه الصلاة والسلام وليوافق قوله تعالى «فإن الله شديد العقاب» وهو إما نفس الجزاء قد حذف منه العائد إلى من عند من يلتزمه أي شديد العقاب له أو تعليل للجزاء المحذوف أي يعاقبه الله فإن الله شديد العقاب وأياما كان فالشرطية تكملة لما قبلها وتقرير لمضمونه وتحقيق للسببية بالطريق البرهاني كأنه قيل ذلك الذي حاق بهم من العقاب العاجل والآجل بسبب مشاقتهم لله تعالى ورسوله وكل من يشاق الله كائنا من كان فله بسبب ذلك عقاب شديد فإذن لهم عقاب شديد «ما قطعتم من لينة» أي أي شيء قطعتم من نخلة وهى فعلى من اللون وياؤها مقلوبة من واو لكسرة ما قبلها كديمة وتجمع على ألوان وقيل من اللين وتجمع على لين وهي النخلة الكريمة «أو تركتموها» الضمير لما وتأنيثه لتفسيره باللينة كما في قوله تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا يمسك لها «قائمة على أصولها» كما كانت من غير أن تتعرضوا لها بشئ ما وقرئ على أصلها
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة