تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢١٨
الصلاة والسلام «وقد أنزلنا آيات بينات» حال من واو كبتوا أي كبتوا لمحادتهم والحال أن قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد الله ورسوله ممن قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم وقيل آيات تدل على صدق وصحة ما جاء به «وللكافرين» أي بتلك الآيات أو بكل ما يجب الإيمان به فيدخل فيه تلك الآيات دخولا أوليا «عذاب مهين» يذهب بعزهم وكبرهم «يوم يبعثهم الله» منصور بما تعلق به اللام من الاستقرار أو بمهين أو بإضمار اذكر تعظيما لليوم وتهويلا له «جميعا» أي كلهم بحيث لا يبقى منهم أحد غير مبعوث أو مجتمعين في حالة واحدة «فينبئهم بما عملوا» من القبائح ببيان صدورها عنهم أو بتصويرها في تلك النشأة بما يليق بها من الصور الهائلة على رؤوس الاشهاد تخجيلا لهم وتشهيرا بحالهم وتشديدا لعذابهم وقوله تعالى «أحصاه الله» استئناف وقع جوابا عما نشا مما قبيله من السؤال إما عن كيفية التنبئة أو عن سببها كأنه قيل كيف ينبئهم بأعمالهم وهي أعراض مقتضية متلاشية فقيل أحصاه الله عددا لم يفته منه شيء فقوله تعالى «ونسوه» حينئذ حال من مفعول أحصى بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور أو قيل لم ينبئهم بذلك فقيل أحصاه الله ونسوه فينبئهم به ليعرفوا أن ما عاينوه من العذاب إنما حاق بهم لأجله وفيه مزيد توبيخ وتنديم لهم غير التخجيل والتشهير «والله على كل شيء شهيد» لا يغيب عنه امر من الأمور قط والجملة اعتراض تذييلي مقرر لإحصائه تعالى وقوله تعالى «ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض» استشهاد على شمول شهادته تعالى كما في قوله تعالى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه وفي قوله تعالى ألم تر أنهم في كل واد يهيمون أي ألم تعلم علما يقينا متاخما للمشاهدة بأنه تعالى يعلم ما فيهما من الموجودات سواء كان ذلك بالاستقرار فيهما أو بالجزئية منهما وقوله تعالى «ما يكون من نجوى ثلاثة» الخ استئناف مقرر لما قبله من سعة علمه تعالى ومبين لكيفيته ويكون من كان التامة وقرئ تكون بالتاء اعتبارا لتأنيث النجوى وإن كان غير حقيقي أي ما يقع من تناجي ثلاثة نفر أي من مسارتهم على أن نجوى مضافة إلى ثلاثة أو على انها موصوفة بها إما بتقدير مضاف أي من أهل نجوى ثلاثة أو بجعلهم نجوى في أنفسهم «إلا هو» أي الله عز وجل «رابعهم» أي جاعلهم أربعة من حيث إنه تعالى يشاركهم في الاطلاع عليها وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال «ولا خمسة» ولا نجوى خمسة «إلا هو سادسهم» وتخصيص العددين بالذكر إما الخصوص الواقعة فإن الآية نزلت في تناجى المنافقين وإما لبناء الكلام على أغلب عادات المتناجين وقد عمم الحكم بعد
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة