«بسم الله الرحمن الرحيم» «والذاريات ذروا» أي الرياح التي تذرو التراب وغيرها وقرئ بإدغام التاء في الذال «فالحاملات وقرا» أي السحب الحاملة للمطر أو الرياح الحاملة للسحاب وقرئ وقرا على تسمية المحمول بالمصدر «فالجاريات يسرا» أي السفن الجارية في البحر أو الرياح الجارية في مهابها أو السحب الجارية في الجو بسوق الرياح أو الكواكب الجارية في مجاريها ومنازلها ويسرا صفة لمصدر محذوف أي جريا ذا يسر «فالمقسمات أمرا» أي الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها أو السحب التي يقسم الله تعالى بها أرزاق العباد وقد جوز أن يراد بالكل الرياح تنزيلا لاختلاف العنوان منزلة اختلاف الذات فإنها كما تذر وما تذروه تثير السحاب وتحمله وتجرى في الجو جريا سهلا وتقسم الأمطار بتصريف السحاب في الأقطار فإن حملت الأمور المقسم بها على ذوات مختلفة فالفاء لترتيب الأقسام باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة وإلا فهي لترتيب ما صدر عن الريح من الأفاعيل فإنها تذر الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحابا فتجرى به باسطة له إلى ما أمرت به فتقسم المطر وقوله تعالى «إنما توعدون لصادق» «وإن الدين لواقع» جواب للقسم وفى تحصيص الأمور المذكورة بالأقسام بها رمز إلى شهادتها بتحقق مضمون الجملة المقسم عليها من حيث أنها أمور بديعة مخالفة لمقتضى الطبيعة فمن قدر عليها فهو قادر على البعث الموعود وما موصولة أو مصدرية ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضا والدين الجزاء ووقوعه حصوله
(١٣٦)