تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٢٥
نعته في التوراة لا ترد له راية فلما كان يوم أحد ما كان ارتابوا ونكثوا فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة فحالفوا قريشا إلى الكعبة على قتاله عليه الصلاة والسلام سقط فأمر عليه الصلاة والسلام محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة وكان أخاه من الرضاعة ثم صبحهم بالكتاب فقال لهم اخرجوا من المدينة فاستمهلوه عليه الصلاة والسلام عشرة أيام ليتجهزوا للخروج فدس عبد الله بن أبى المنافق وأصحابه إليهم لا تخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم لا نخذلكم ولئن خرجتم لنخرجن معكم فدربوا على الأزقة وحصنوها فحاصرهم النبي عليه الصلاة والسلام إحدى وعشرين ليلة فلما قذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين طلبوا الصلح فأبى عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم فجلوا إلى الشأم إلى أريحا وأذرعات إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة فأنزل الله تعالى سبح لله ما في السماوات إلى قوله والله على كل شيء قدير وقوله تعالى «هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم» بيان لبعض آثار عزته تعالى واحكام حكمته إثر وصفه تعالى بالعزة القاهرة والحكمة الباهرة على الإطلاق والضمير راجع إليه تعلى بذلك العنوان إما بناء على كمال ظهور اتصافه تعالى بهما مع مساعدة تامة من المقام أو على جعله مستعارا لاسم الإشارة كما في قوله تعالى قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به أي بذلك وعليه قول رؤبة بن العجاج * كأنه في الجلد توليع البهق * كما هو المشهور كأنه قيل ذلك المنعوت بالعزة والحكمة الذي أخرج الخ ففيه إشعار بأن في الإخراج حكمة باهرة وقوله تعالى «لأول الحشر» أي في أول حشرهم إلى الشام وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء قط وهم أول من أخرج من جزيرة العرب إلى الشام أو هذا أول حشرهم وآخر حشرهم إجلاء عمر رضى الله عنه إياهم من خيبر إلى الشام وقيل آخر حشرهم حشر يوم القيامة لأن المحشر يكون بالشام «ما ظننتم» أيها المسلمون «أن يخرجوا» من ديارهم بهذا الذل والهوان لشدة بأسهم وقوة منعتهم «وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله» اى ظنوا أن حصونهم تمنعهم أو ما نعتهم من بأس الله تعالى وتغيير النظم بتقديم الخبر وإسناد الجملة إلى ضميرهم للدلالة على كمال وثوقهم بحصانة حصونهم واعتقادهم في أنفسهم أنهم في غرة ومنعة لا يبالي معها بأحد يتعرض لهم أو يطمع في معازتهم ويجوز ان يكون ما نعتهم خبرا لأن وحصونهم مرتفعا على الفاعلية «فآتاهم الله» أي أمر الله تعالى وقدره المقدور لهم «من حيث لم يحتسبوا» ولم يخطر ببالهم وهو قتل رئيسهم كعب بن الأشرف فإنه
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة