تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٣٥
«بسم الله الرحمن الرحيم» «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء» نزلت في حاطب ابن أبى بلتعة وذلك انه لما تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الفتح كتب إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم وأرسله مع سارة مولاة بنى المطلب فنزل جبريل عليه السلام بالخبر فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتب حاطب إلى أهل مكة فخذوه منها وخلوها فإن أبت فاضربوا عنقها فأدركوها ثمة فجحدت فسل على سيفه فأخرجته من عقاصها فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا وقال ما حملك على هذا فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش وليس لي فيهم من يحمى أهلي فأردت أن آخذ عندهم يدا وقد علمت أن كتابي لن يغنى عنهم شيئا فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل عذره «تلقون إليهم بالمودة» أي توصلون إليهم على أن الباء زائدة كما في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أو تلقون إليهم أخبار النبي عليه الصلاة والسلام بسبب المودة التي بينكم وبينهم والجملة إما حال من فاعل لا تتخذوا أو صفة لأولياء وإبراز الضمير في الصفات الجارية على غير من هي له إنما يشترط في الاسم دون الفعل أو استئناف «وقد كفروا بما جاءكم من الحق» حال من فاعل تلقون وقيل من فعل لا تتخذوا وقرئ لما جاءكم أي كفروا لأجل ما جاءكم بمعنى جعل ما هو سبب الإيمان سببا للكفر «يخرجون الرسول وإياكم» أي من مكة وهو إما حال من فاعل كفروا أو استئناف مبين لكفرهم وصيغة المضارع لاستحضار الصورة وقوله تعالى «أن تؤمنوا بالله ربكم» تعليل للإخراج فيه تغليب المخاطب على الغائب والتفات من التكلم إلى الغيبة للإشعار بما يوجب الإيمان من الألوهية والربوبية
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة