تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٦٧
بسم الله الرحمن الرحيم «اقتربت الساعة وانشق القمر» وروى أن الكفار سألوا رسول الله صلى اله عليه وسلم آية فانشق القمر قال ابن عباس رضى الله عنهما انفلق فلقتين فلقة ذهبت وفلقة بقيت وقال ابن مسعود رأيت حراء بين فلتقى القمر وعن عثمان بن عطاء عن أبيه أن معناه سينشق يوم القيامة ويرده قوله تعالى «وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر» فإنه ناطق بأنه قد وقع وأنهم قد شاهدوه بعد مشاهدة نظائره وقرئ وقد انشق القمر اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد أنشق ومعنى الاستمرار الاطراد أو الاستحكام أي وإن يروا آية من آيات الله يعرضوا عن التأمل فيها ليقفوا على حقيتها وعلو طبقتها ويقولوا سحر مطرد دائم يأت به محمد على مر الزمان لا يكاد يختلف بحال كسائر أنواع السحر أو قوي مستحكم لا يمكن إزالته وقيل مستمر ذاهب يزول ولا يبقى تمنية لأنفسهم وتعليلا وهو الأنسب بغلوهم في العناد والمكابرة ويؤيده ما سيأت لرده وقرئ وإن يروا على البناء للمفعول من الإراءة «وكذبوا» أي بالنبي صلى الله عليه وسلم وما عاينوه مما أظهر الله تعالى على يده من المعجزات «واتبعوا أهواءهم» التي زينها الشيطان لهم أو كذبوا الآية التي هي انشقاق القمر واتبعوا أهواءهم وقالوا سحر القمر أو سحر أعيننا والقمر بحاله وصنيعة الماضي للدلالة على التحقق وقوله تعالى «وكل أمر مستقر» استئناف مسوق لإقناطهم عما علقوا به أما نيهم الفارغة من عدم استقرار أمره عليه الصلاة والسلام حسبما قالوا سحر مستمر ببيان ثباته ورسوخه أي وكل امر من الأمور مستقر أي منته إلى غاية يستقر عليها لا محالة ومن جملتها أمر النبي صلى الله عليه وسلم فسيصير إلى غاية يتبين عندها حقيته وعلو شأنه وإبهام المستقر عليه للتنبيه على كمال ظهور الحال وعدم الحاجة إلى التصريح به وقيل المعنى كل امر من أمرهم وأمره عليه الصلاة والسلام مستقر أي سيثبت ويستقر على حالة خذلان أو نصرة في الدنيا وشقاوة أو سعادة في الآخرة وقرئ بالفتح على أنه مصدر أو اسم مكان أو اسم زمان أي ذو استقرار أو ذو موضع استقرار أو ذو زمان استقرار
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة