تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٠٣
«بسم الله الرحمن الرحيم» «سبح لله ما في السماوات والأرض» التسبيح تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه من سبح في الأرض والماء إذا ذهب وأبعد فيهما وحيث أسند ههنا إلى غير العقلاء أيضا فإن ما في السماوات والأرض يعم جميع ما فيهما سواء كان مستقرا فيهما أو جزءا منهما كما مر في آية الكرسي أريد به معنى عام مجازى شامل لما نطق به لسان المقال كتسبيح الملائكة والمؤمنين من الثقلين ولسان الحال كتسبيح غيرهم فإن كل فرد من افراد الموجودات يدل بإمكانه وحدوثه على الصانع القديم الواجب الوجود المتصف بالكمال المنزه عن النقصان وهو المراد بقوله تعالى وإن من شيء إلا يسبح بحمده وهو متعد بنفسه كما في قوله تعالى وسبحوه واللام إما مزيده للتأكيد كما في نصحت له وشكرت له أو للتعليل أي فعل التسبيح لأجل الله تعالى وخالصا لوجهه ومجيئه في بعض الفواتح ماضيا وفي البعض مضارعا للإيذان بتحققه في جميع الأوقات وفيه تنبيه على ان حق من شانه التسبيح الاختياري أن يسبحه تعالى في جميع أوقاته كما عليه الملأ الأعلى حيث يسبحون الليل والنهار لا يفترون «وهو العزيز» القادر الغالب الذي لا يمانعه ولا ينازعه شيء «الحكيم» الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشعر بعلة الحكم وكذا قوله تعالى «له ملك السماوات والأرض» أي التصرف الكلى فيهما وفيما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والأعدام وسائر التصرفات مما نعلمه ومالا نعلمه وقوله تعالى «يحيي ويميت» استئناف مبين لبعض أحكام الملك والتصرف وجعله حالا من ضمير له ليس كما ينبغي «وهو على كل شيء» من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الإحياء والإماتة «قدير» مبالغ في القدرة «هو الأول» السابق على سائر الموجودات لما أنه مبدئها ومبدعها «والآخر» الباقي بعد فنائها حقيقة أو نظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن مبقيها فإن جميع الموجودات الممكنة إذا قطع النظر عن علتها فهي فانية «والظاهر» وجودا لكثرة
(٢٠٣)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة