تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١١١
في بيان تعجيلها «وكان الله على كل شيء قديرا» لأن قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشئ دون شئ «ولو قاتلكم الذين كفروا» أي أهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر «لولوا الأدبار» منهزمين «ثم لا يجدون وليا» يحرسهم «ولا نصيرا» ينصرهم «سنة الله التي قد خلت من قبل» أي سن الله غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم «ولن تجد لسنة الله تبديلا» أي تغييرا «وهو الذي كف أيديهم» أي أيدي سفار مكة «عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة» أي في داخلها «من بعد أن أظفركم عليهم» وذلك أن عكرمة بن أبى جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد وقيل كان يوم الفتح وبه استشهد أبو حنيفة على أن مكة فتحت عنوة لا صلحا «وكان الله بما تعملون» من مقاتلتهم وهزمهم أولا والكف عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وقرئ بالياء «بصيرا» فيجازيكم بذلك أو يجازيهم «هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي» بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في صدوركم وقرئ بالجر عطفا على المسجد بحذف المضاف أي ونحر الهدى وبالرفع على وصد الهدى وقوله تعالى «معكوفا» حال من الهدى أي محبوسا وقوله تعالى «أن يبلغ محله» بدل اشتمال من الهدى أو منصوب بنزع الخافض أي محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره وبه استدل أبو حنيفة رحمه الله تعالى على أن المحصر محل هديه الحرم قالوا بعض الحديبية من الحرم وروى أن خيامه صلى الله عليه وسلم كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه صلى الله عليه وسلم والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى «ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم» لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة لرجال ونساء وقوله تعالى «أن تطؤوهم» أي توقعوا بهم وتهلكوهم بدل اشتمال منهم أو من الضمير المنصوب في تعلموهم «فتصيبكم منهم» أي من جهتهم «معرة» أي مشقة ومكروه كوجوب الدية أو الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء قالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم وهى مفعلة من عره إذا عراه ودهاه ما يكرهه «بغير علم» متعلق بأن تطؤهم أي غير عالمين بهم وجواب لولا
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة