الأحكام المتبدلة بتبدل الأعصار وإظهار بطلان ما كان باطلا أو بتسليط المسلمين على أهل سائر الأديان إذ ما من أهل دين إلا وقد قهرهم المسلمون وفيه فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سبحانه سيفتح لهم من البلاد ويتيح لهم من الغلبة على الأقاليم ما يستقلون إليه فتح مكة «وكفى بالله شهيدا» على ان ما وعده كائن لا محالة أو على نبوته عليه الصلاة والسلام بإظهار المعجزات «محمد» خبر مبتدأ محذوف وقوله تعالى «رسول الله» بدل أو بيان أو نعت أي ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله وقيل محمد مبتدأ رسول الله خبره والجملة مبينة للمشهود به وقوله تعالى «والذين معه» مبتدأ خبره «أشداء على الكفار رحماء بينهم» وأشداء جمع شديد ورحماء جمع رحيم والمعنى أنهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم في الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى أذلة على المؤمنين أعزه على الكافرين وقرئ أشداء ورحماء بالنصب على المدح أو على الحال من المستكن في معه لوقوعه صلة فالخبر حينئذ قوله تعالى «تراهم ركعا سجدا» أي تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات وهو على الأول خبر آخر أو استئناف وقوله تعالى «يبتغون فضلا من الله ورضوانا» أي ثوابا ورضا إما خبر آخر أو حال من ضمير تراهم أو من المستتر في ركعا سجدا أو استئنافا مبنى على سؤال نشأ من بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من الله الخ «سيماهم» أي سمتهم وقرئ سيمياؤهم بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هي السيماء بالمد وهو مبتدأ خبره «في وجوههم» أي في جباههم وقوله تعالى «من أثر السجود» حال من المستكن في الجار أي من التأثير الذي يؤثره كثرة السجود وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله عليه الصلاة والسلام لا تعبدوا صوركم أي لا تسموها إنما هو فيما إذا اعتمد بجبهته على الأرض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث في جبهة السجاد الذي لا يسجد إلا خالصا لوجه الله عز وجل كان الإمام زين العابدين وعلى بن عبد الله بن العباس رضى عنهما يقال لهما ذو الثفنات لما أحدثت كثرة سجودهما في مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير قال قائلهم ديار على والحسين وجعفر وحمزة والسجاد ذي الثفنات وقيل صفرة الوجه من خشية الله تعالى وقيل ندى الطهور وتراب الأرض وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه الصلاة والسلام من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقرئ من آثار السجود ومن إثر السجود بكسر الهمزة «ذلك» إشارة إلى ما ذكر
(١١٤)