منهم من لم يلحقه بولادة من قبل أم ولا أب لأن لوطا ابن أخي إبراهيم والعرب تجعل العم أبا كما أخبر الله تعالى عن أبناء يعقوب أنهم قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وأسحق مع إن إسماعيل عم يعقوب «داود وسليمان» منصوبان بمضمر مفهوم مما سبق وكذا ما عكف عليهما وبه يتعلق من ذريته وتقديمه على المفعول في الصريح للاهتمام بشأنه مع ما في المفاعيل من نوع طول ربما يخل تأخيره بتجاوب النظم الكريم أي وهدينا من ذريته داود وسليمان «وأيوب» هو ابن أموص من أسباط عيص بن إسحاق «ويوسف وموسى وهارون» أو بمحذوف وقع حالا من المذكورين أي وهديناهم حال كونهم من ذريته «وكذلك» إشارة إلى ما يفهم من النظم الكريم من جزاء إبراهيم عليه السلام ومحل الكاف النصب على أنه تعت لمصدر محذوف وأصل التقدير «نجزي المحسنين» جزاء مثل ذلك الجزاء والتقديم للقصر وقد مر تحقيقه مرارا والمراد بالمحسنين لجنس وبمماثلة جزائهم لجزائه عليه السلام مطلق المشابهة في مقابلة الإحسان بالإحسان والمكافأة بين الأعمال والأجزية من غير بخس لا المماثلة من كل وجه ضرورة أن الجزاء بكثرة الأولاد الأنبياء مما اختص به إبراهيم عليه السلام والأقرب أن لام المحسنين للعهد وذلك إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده وهو عبارة عما أوتي المذكورون من فنون الكرامات وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو صفته للإيذان بعلو طبقته والطاف لتأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة ومحلها في الأصل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف وأصل التقدير ونجزي المحسنين المذكورين جزاء كائنا مثل ذلك الجزاء فقدم على الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة للنكتة المذكورة فصار المشار إليه نفس المصدر المؤكد لا نعتا له أي وذلك الجزاء البديع نجزي المحسنين المذكورين لا جزاء آخر أدنى منه والإظهار في موضع الإضمار للثناء عليهم بالإحسان الذي هو عبارة عن الإتيان بالأعمال الحسنة على لا الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المقارن لحسنها الذاتي وقد فسره عليه الصلاة والسلام بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والجملة اعتراض لما قبلها «وزكريا» هو ابن آذن «ويحيى» ابنه «وعيسى» هو ابن مريم وفيه دليل على أن الذرية تتناول أولاد البنات «وإلياس» قيل هو إدريس جد نوح فيكون البيان مخصوصا بمن في الآية الأولى وقيل هو من أسباط هارون أخي موسى عليهما السلام «كل» أي كل واحد من أولئك المذكورين «من الصالحين» أي من الكاملين في الصلاح الذي هو عبارة عن الإتيان بما ينبغي والتحرز عما لا ينبغي والجملة اعتراض جئ به للثناء عليهم بالصلاح «وإسماعيل واليسع» هو ابن أخطوب بن العجوز وقرئ واليسع وهو على القراءتين على أعجمي أدخل عليه اللام ولا اشتقاق له ويقال إنه يوشع بن نون وقيل إنه منقول من مضارع وسع واللام كما في يزيد في قول من قال أرأيت الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله «ويونس»
(١٥٨)