من الساكن «لتحسبوه» أي المحرف المدلول عليه بقوله تعالى يلوون الخ وقرئ بالياء والضمير للمسلمين «من الكتاب» أي من جملته وقوله تعالى «وما هو من الكتاب» حال من الضمير المنصوب أي والحال أنه ليس منه في نفس الأمر وفي اعتقادهم أيضا «ويقولون» مع ما ذكر من اللي والتحريف على طريقة التصريح لا بالتورية والتعريض «هو» أي المحرف «من عند الله» أي منزل من عند الله «وما هو من عند الله» حال من ضمير المبتدأ في الخبر أي والحال انه ليس من عنده تعالى في اعتقادهم أيضا وفيه من المبالغة في تشنيعهم وتقبيح أمرهم وكمال جراءتهم ما لا يخفى وإظهار الاسم الجليل والكتاب في محل الاضمار لتهويل ما أقدموا عليه من القول «ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون» انهم كاذبون ومفترون على الله تعالى وهو تأكيد وتسجيل عليهم بالكذب على الله والتعمد فيه وعن ابن عباس رضي الله عنهما هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الأشرف وغيروا التوراة وكتبوا كتابا بدلوا فيه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اخذت قريظة ما كتبوا فخلطوه بالكتاب الذي عندهم «ما كان لبشر» بيان لافترائهم على الأنبياء عليهم السلام حيث قال نصارى نجران إن عيسى عليه السلام أمرنا أن نتخذه ربا حاشاه عليه السلام وإبطال له إثر بيان افترائهم على الله سبحانه وإبطاله أي ما صح وما استقام لأحد وإنما قيل لبشر إشعارا بعلة الحكم فإن البشرية منافية للأمر الذي اسنده الكفرة إليهم «أن يؤتيه الله الكتاب» الناطق بالحق الآمر بالتوحيد الناهي عن الإشراك «والحكم» الفهم والعلم أو الحكمة وهي السنة والنبوة «ثم يقول» ذلك البشر بعدما شرفه الله عز وجل بما ذكر من التشريفات وعرفه الحق وأطلعه على شؤونه العالية «للناس كونوا عبادا لي» الجار متعلق بمحذوف هو صفة عبادا اي عبادا كائنين «من دون الله» متعلق بلفظ عبادا لما فيه من معنى الفعل أو صفة ثانية له ويحتمل الحالية لتخصيص النكرة بالوصف أي متجاوزين الله تعالى سواء كان ذلك استقلالا أو اشتراكا فإن التجاوز متحقق فيهما حتما قيل إن ابا رافع القرظي والسيد النجراني قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا فقال عليه السلام معاذ الله أن يعبد غير الله تعالى وأن نأمر بعبادة غيره تعالى فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني فنزلت وقيل قال رجل من المسلمين يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك قال عليه السلام لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله تعالى ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله «ولكن كونوا» أي ولكن يقول كونوا «ربانيين» الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون كاللحياني والرقباني وهو الكامل في العلم والعمل الشديد التمسك بطاعة الله عز وجل ودينه «بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون» أي بسبب مثابرتكم على تعليم الكتاب ودراسته أي قراءته فإن جعل خبر كان مضارعا لإفادة الاستمرار التجددي وتكرير بما كنتم للإيذان باستقلال كل من استمرار التعليم واستمرار
(٥٢)