تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٩٨
فلا حاجة على هذه التقادير إلى ما مر من البيان «بل الله مولاكم» إضراب عما يفهم من مضمون الشرطية كأنه قيل فليسوا أنصاركم حتى تطيعوهم بل الله ناصركم لا غيره فأطيعوه واستغنوا به عن موالاتهم وقرئ بالنصب كأنه قيل فلا تطيعوهم بل أطيعوا الله ومولاكم نصب على أنه صفة له «وهو خير الناصرين» فخصوه بالطاعة والاستعانة «سنلقي» بنون العظمة على طريقة الالتفات جريا على سنن الكبرياء لتربية المهابة وقرئ بالياء والسين لتأكيد الإلقاء «في قلوب الذين كفروا الرعب» بسكون العين وقرئ بضمها على الصل وهو ما قذف في قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب ولهم القوة والغلبة وقيل ذهبوا إلى مكة فلما كانوا ببعض الطريق قالوا ما صنعنا شيئا قتلنا منهم ثم نركناهم ونحن قاهرون ارجعوا فاستأصلوهم فعند ذلك ألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب فأمسكوا فلا بد من كون نزول الآية في تضاعيف الحرب أو عقيب انقضائه وقيل هو ما ألقى في قلوبهم من الرعب يوم الأحزاب «بما أشركوا بالله» متعلق بنلقى دون الرعب وما مصدرية أي بسبب إشراكهم به تعالى فإنه من موجبات خذلانهم ونصر المؤمنين عليهم وكلاهما من دواعي الرعب «ما لم ينزل به» أبي إشراكه «سلطانا» أي حجة سميت به لوضوحها وإنارتها أو لقوتها أو لحدتها ونفوذها وذكر عدم تنزيلها مع استحالة تحققها في نفسها من قبيل قوله * ولا ترى الضب بها ينجر * أي لاضب ولا انحجار وفيه إيذان بأن المتبع في الباب هو البرهان السماوي دون الآراء والأهواء الباطلة «ومأواهم» بيان لأحوالهم في الآخرة إثر بيان أحوالهم في الدنيا وهي الرعب أي ما يأوون إليه في الآخرة «النار» لا ملجأ لهم غيرها «وبئس مثوى الظالمين» أي مثواهم وإنما وضع موضعه المظهر المذكور للتغليظ والتعليل والإشعار بأنهم في إشراكهم ظالمون واضعون للشئ في غير موضعه والمخصوص بالذم محذوف أي بئس مثوى الظالمين النار وفي جعلها مثواهم بعد جعلها مأواهم نوع رمز إلى خلودهم فيها فإن المثوى مكان الإقامة المنبئة عن المكث وأما المأوى فهو المكان الذي يأوى إليه الإنسان «ولقد صدقكم الله وعده» نصب على أنه مفعول ثان لصدق صريحا وقيل بنزع الجار أي في وعده نزلت حين قال ناس من المؤمنين عند رجوعهم إلى المدينة من أين أصابنا وقد وعدنا الله تعالى بالنصر وهو ما وعدهم على لسان نبيه غليه السلام من النصر حيث قال للرماة لا تبرحوا مكانكم
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254