تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٩٧
من الأخبار بكون خصوصية قولهم المذكور قولهم لما أن مصب الفائدة وموقع البيان في الجمل الخبرية هو الخبر فالأحق بالخبرية ما هو أكثر إفادة وأظهر دلالة على الحدث وأوفر اشتمالا على نسب خاصة بعيدة من الوقوع في الخارج وفي ذهن السامع ولا يخفى أن ذلك ههنا في أن مع ما في حيزها أتم وأكمل وأما ما تفيده الإضافة من لنسبة المطلقة الإجمالية فحيث كانت سهلة الحصول خارجا وذهنا كان حقها أن تلاحظ ملاحظة جمالية وتجعل عنوانا للموضوع لا مقصودا بالذات في باب البيان وإنما اختار الجمهور ما اختاره لقاعدة صناعية هي أنه إذا اجتمع معرفتان فالأعراف منهما أحق بالاسمية ولا ريب في أعرفية أن قالوا لدلالته على جهة النسبة وزمان الحدث ولأنه يشبه المضمر من حيث أنه لا يوصف ولا يوصف به وقولهم مضاف إلى مضمر فهو بمنزلة العلم فتأمل «فآتاهم الله» بسبب دعائهم ذلك «ثواب الدنيا» أي النصر والغنيمة والعز والذكر الجميل «وحسن ثواب الآخرة» أي وثواب الآخرة الحسن وهو الجنة والنعيم المخلد وتخصيص وصف الحسن به للإيذان بفضله ومزيته وإنه المعتد به عنده تعالى «والله يحب المحسنين» تذييل مقرر لمضمون ما قبله فإن محبة الله تعالى للعبد عبارة عن رضاه عنه وإرادة الخير به فهي مبدأ لكل سعادة واللام إما للعهد وإنما وضع المظهر موضع ضمير المعهودين للإشعار بان ما حكى عنهم من الأفعال والأقوال من باب الإحسان وإما للجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا وهذا أنسب بمقام ترغيب المؤمنين في تحصيل ما حكى عنهم من المناقب الجليلة «يا أيها الذين آمنوا» شروع في زجرهم عن متابعة الكفار ببيان استتباعها لخسران الدنيا والآخرة أثر ترغيبهم في الاقتداء بأنصار الأنبياء عليهم السلام ببيان إفضائه إلى فوزهم بسعادة الدارين وتصدير الخطاب بالنداء والتنبيه لإظهار الاعتناء بما في حيزه ووصفهم بالإيمان لتذكير حالهم وتثبيتهم عليها بإظهار مباينتها لحال أعدائهم كما أن وصف المنافقين بالكفر في قوله تعالى «إن تطيعوا الذين كفروا» لذلك قصدا إلى مزيد التنفير عنهم والتحذير عن طاعتهم قال على رضي الله عنه نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم فوقوع قوله تعالى «يردوكم على أعقابكم» جوابا للشرط مع كونه في قوة أن يقال إن تطيعوهم في قولهم ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم يدخلوكم في دينهم باعتبار كونه تمهيدا لقوله تعالى «فتنقلبوا خاسرين» أي للدنيا والآخرة غير فائزين بشئ منهما واقعين في العذاب الخالد على أن الارتداد على العقب علم في انتكاس الأمر ومثل في الحور بعد الكور وقيل المراد بهم اليهود والنصارى حيث كانوا يستغوونهم ويوقعون لهم الشبة في الدين ويقولون لو كان نبيا حقا لما غلب ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم وإنما هو رجل حاله كحال غيره من الناس يوما عليه ويوما له وقيل أبو سفيان وأصحابه والمراد بطاعتهم استئمانهم والاستكانة لهم وقيل الموصول على عمومه والمعنى نهى المؤمنين عن طاعتهم في أمر من الأمور حتى لا يستجروهم إلى الإرتداد عن الدين
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254