تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨٨
والخلو المضي والسنن والوقائع وقيل الأمم والظرف إما متعلق بخلت أو بمحذوف وقع حالا من سنن أي قد مضت من قبل زمانكم أو كائنة من قبلكم وقائع سنها الله تعالى في الأمم المكذبة كما في قوله تعالى وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا الخ والفاء في قوله تعالى «فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين» للدلالة على سببية خلوها للسير والنظر أو للأمر بهما وقيل المعنى على الشرط أي إن شككتم فسيروا الخ وكيف خبر مقدم لكان معلق لفعل النظر والجملة في محل النصب بعد نزع الخافض لأن الأصل استعماله بالجار «هذا» إشارة إلى ما سلف من قوله تعالى «قد خلت» إلى آخره «بيان للناس» أي تبيين لهم على أن اللام متعلقة بالمصدر أو كائن لهم على انها متعلقة بمحذوف وقع صفة له وتعريف الناس للعهد وهم المكذبون أي هذا إيضاح لسوء عاقبة ما هم عليه من التكذيب فإن الأمر بالسير والنظر وإن كان خاصا بالمؤمنين لكن العمل بموجبه غير مختص بواحد دون واحد ففيه حمل للمكذبين أيضا على أن ينظروا في عواقب من قبلهم من أهل التكذيب ويعتبروا بما يعاينون من أثار دمارهم وإن لم يكن الكلام مسوقا لهم «وهدى وموعظة» أي وزيادة بصيرة وموعظة لكم وإنما قيل «للمتقين» للإيذان بعلة الحكم فإن مدار كونه هدى وموعظة لهم إنما هو تقواهم ويجوز أن يراد بالمتقين الصائرين إلى التقوى والهدى والموعظة على ظاهرهما أي هذا بيان لمآل أمر الناس وسوء مغبته وهداية لمن اتقى منهم وزجر لهم عما هم عليه من التكذيب وان يراد به ما يعمهم وغيرهم من المتقين بالفعل ويراد بالهدى والموعظة أيضا ما يعم ابتداءهما والزيادة فيهما وإنما قدم كونه بيانا للمكذبين مع أنه غير مسوق له على كونه هدى وموعظة للمتقين مع أنه المقصود بالسياق لأن أول ما يترتب على مشاهدة آثار هلاك أسلافهم ظهور حال أخلافهم وأما زيادة الهدى أو أصله فأمر مترتب عليه وتخصيص البيان للناس مع شموله للمتقين أيضا لما أن المراد به مجرد البيان العاري عن الهدى والعظة والاقتصار عليهما في جانب المتقين مع ترتبهما على البيان لما انهما المقصد الأصلي ويجوز أن يكون تعريف الناس للجنس أي هذا بيان للناس كافة وهدى وموعظة للمتقين منهم خاصة وقيل كلمة هذا إشارة إلى ما لخص من أمر المتقين والتائبين والمصرين وقوله تعالى قد خلت الآية اعتراض للبعث على الإيمان وما يستحق به ما ذكر من أجر العاملين وأنت خبير بأن الاعتراض لا بد أن يكون مقررا لمضمون ما وقع في خلالة ومعاينة آثار هلاك المكذبين مما لا تعلق له بحال أحد الأصناف الثلاثة للمؤمنين وإن كان باعثا على الإيمان زاجرا عن التكذيب وفيل إشارة إلى القرآن ولا يخفى بعده «ولا تهنوا ولا تحزنوا» تشجيع للمؤمنين وتقوية لقلوبهم وتسلية عما أصابهم يوم أحد من القتل والقرح وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن جحش ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبه
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254