تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨٠
بالتقوى لإظهار كمال العناية به والمراد به الوقت الممتد الذي وقع فيه ما ذكر بعده وما طوى ذكره تعويلا على شهادة الحال مما يتعلق به وجود النصر وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لإستحضار صورتها أي نصركم وقت قولك «للمؤمنين» حين أظهروا العجز عن المقاتلة قال الشعبي بلغ المؤمنين أن كرز بن جابر الحنفي يريد ان يمد المشركين فشق ذلك على المؤمنين فنزل حينئذ ثم حكى ههنا «ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف» الكفاية سد الخلة والقيام بالأمر والإمداد في الأصل إعطاء الشئ حالا بعد حال قال المفضل ما كان منه بطريق التقوية والإعانة يقال فيه أمده يمده إمدادا وما كان بطريق الزيادة يقال فيه مده يمده مدا ومنه والبحر يمده من بعده سبعة أبحر وقيل المد في الشر كما في قوله تعالى «ويمدهم في طغيانهم يعمهون» وقوله «ونمد له من العذاب مدا» والإمداد في الخير كما في قوله تعالى «وأمددناكم بأموال وبنين» والتعرض لعنوان الربوبية ههنا وفيما سيأتي مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار العناية بهم والإشعار بعلة الإمداد والمعنى إنكار عدم كفاية الإمداد بذلك المقدار ونفيه وكلمة لن للإشعار بأنهم كانوا حينئذ كالآيسين من النصر لضعفهم وقلتهم وقوة العدو وكثرتهم «من الملائكة» بيان أو صفة لآلاف أو لما أضيف إليه أي كائنين من الملائكة «منزلين» صفة لثلاثة آلاف وقيل حال من الملائكة وقرئ منزلين بالتشديد للتكثير أو للتدريج قيل أمدهم الله تعالى أولا بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم خمسة آلاف وقرئ مبنيا للفاعل من الصيغتين أي منزلين النصر «بلى» إيجاب لما بعد لن وتحقيق له أي بلى يكفيكم ذلك ثم وعد لهم الزيادة بشرط الصبر والتقوى حثا لهم عليهما وتقوية لقلوبهم فقال «إن تصبروا» على لقاء العدو ومناهضتهم «وتتقوا» معصية الله ومخالفة نبيه عليه الصلاة والسلام «ويأتوكم» أي المشركين «من فورهم هذا» أي من ساعتهم هذه وهو في الأصل مصدر فارت القدر أي اشتد غليانها ثم استعير للسرعة ثم اطلق على كل حالة لا ريث فيها أصلا ووصفه بهذا لتأكيد السرعة بزيادة تعيينه وتقريبه ونظم إتيانهم بسرعة في سلك شرطي الإمداد المستتبعين له وجودا وعدما أعنى الصبر والتقوى مع تحقق الإمداد لا محالة سواء أسرعوا أو أبطئوا لتحقيق سرعة الإمداد لا لتحقيق أصله أو لبيان تحققه على أي حال فرض على أبلغ وجه وآكده بتعليقه بأبعد التقادير ليعلم تحققه على سائرها بالطريق الأولى فإن هجوم الأعداء وإتيانهم بسرعة من مظان عدم لحوق المدد عادة فعلق به تحقق الإمداد إيذانا بأنه حيث تحقق مع ما ينافيه عادة فلأن يتحقق بدونه أولى وأحرى كما إذا أردت وصف درع بغاية الحصانة تقول أن لبستها وبارزت بها الأعداء فضربوك بأيد شداد وسيوف حداد لم تتأثر منها قطعا «يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين» من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء أي معلمين أنفسهم أو خيلهم فقد روى أنهم كانوا بعمائم بيض إلا جبريل عليه السلام فإنه كان بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام وروى
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254