تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٣٩
الطين شيئا مثل صورة الطير «فأنفخ فيه» الضمير للكاف أي في ذلك الشئ المماثل لهيئة الطير وقرئ فأنفخ فيها على أن الضمير للهيئة المقدرة أي أخلق لكم من الطين هيئة كهيئة الطير فأنفخ فيها «فيكون طيرا» حيا طيارا كسائر الطيور «بإذن الله» بأمره تعالى أشار عليه الصلاة والسلام بذلك إلى أن إحياءه من الله تعالى لا منه قيل لم يخلق غير الخفاش روى انه عليه الصلاة والسلام لما ادعى النبوة وأظهر المعجزات طالبوه بخلق الخفاش فأخذ طينا وصورة ونفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض قال وهب كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز من خلق الله تعالى قيل إنما طلبوا خلق الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا وأبلغ دلالة على القدرة لأن له ثديا وأسنانا وهي تحيض وتطهر وتلد كسائر الحيوان وتضحك كما يضحك الإنسان وتطير بغير ريش ولا تبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل وإنما ترى في ساعتين ساعة بعد الغروب وساعة بعد طلوع الفجر وقيل خلق أنواعا من الطير «وأبرئ الأكمه» أي الذي ولد أعمى أو الممسوح العين «والأبرص» المبتلى بالبرص لم تكن العرب تنفر من شئ نفرها منه ويقال له الوضح أيضا وتخصيص هذين الداءين لأنهما مما أعيا الأطباء وكانوا في غاية الحذاقة في زمنه عليه الصلاة والسلام فأراهم الله تعالى المعجزة من ذلك الجنس روى انه عليه الصلاة والسلام ربما كان يجتمع عليه ألوف من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى عليه الصلاة والسلام وما يداويه إلا بالدعاء «وأحيي الموتى بإذن الله» كرره مبالغة في دفع وهم من توهم فيه اللاهوتية قال الكلبي كان عليه الصلاة والسلام يحيى الموتى بيا حي يا قيوم أحيا عازر وكان صديقا له فعاش وولد له ومر على ابن عجوز ميت فدعا الله تعالى فنزل عن سريره حيا ورجع إلى أهله وبقى وولد له وبنت العاشر أحياها وولدت بعد ذلك فقالوا إنك تحيى من كان قريب العهد من الموت فلعلهم لم يموتوا بل أصابتهم سكتة فأحى لنا سام بن نوح فقال دلوني على قبره ففعلوا فقام على قبره فدعا الله عز وجل فقام من قبره وقد شاب رأسه فقال عليه السلام كيف شبت ولم يكن في زمانكم شيب قال يا روح الله لما دعوتني سمعت صوتا يقول أجب روح الله فظننت ان الساعة قد قامت فمن هول ذلك شبت فسأله عن النزع قال يا روح الله إن مرارته لم تذهب من حنجرتي وكان بينه وبين موته أكثر من أربعة آلاف سنة وقال للقوم صدقوه فإنه نبي الله فآمن به بعضهم وكذبه آخرون فقالوا هذا سحر فأرنا آية فقال يا فلان أكلت كذا ويا فلان خبئ لك كذا وذلك قوله تعالى «وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم» أي بالمغيبات من أحوالكم التي لا تشكون فيها وقرئ تذخرون بالذال والتخفيف «إن في ذلك» إشارة إلى ما ذكر من الأمور العظام «لآية» عظيمة وقرئ لآيات «لكم» دالة على صحة رسالتي دلالة واضحة «إن كنتم مؤمنين» جواب الشرط محذوف لإنصباب المعنى إليه أو دلالة المذكور عليه أي انتفعتم بها أو إن كنتم ممن يتأتى منهم الإيمان دلتكم على صحة رسالتي والإيمان بها «ومصدقا لما بين يدي من التوراة»
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254