أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة عام حجة الوداع فقال إن لي أختا فكم آخذ من ميراثها إن ماتت وقيل كان مريضا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني كلالة فكيف أصنع في مالي وروي عنه رضي الله عنه أنه قال عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب من وضوئه علي فعقلت فقلت يا رسول الله لمن الميراث وإنما يرثني كلالة فنزلت وقوله تعالى «إن امرؤ هلك» استئناف مبين للفتيا وارتفع امرؤ أنه مفسر للمحذوف غير مقصود في الكلام أي إن هلك امرؤ غير ذي ولد ذكرا كان أو أنثى واقتصر على ذكر عدم الولد مع أن عدم الولد أيضا معتبر في الكلالة ثقة بظهور الأمر ودلالة تفصيل الورثة عليه وقوله تعالى «وله أخت» عطف على قوله تعالى ليس له ولد أو حال والمراد بالأخت من ليست لأم فقط فإن فرضها السدس وقد مر بيانه في صدر السورة الكريمة «فلها نصف ما ترك» أي بالفرض والباقي للعصبة أولها بالرد إن لم يكن له عصبة «وهو» أي المرء المفروض «يرثها» أي أخته المفروضة إن فرض هلاكها مع بقائه «إن لم يكن لها ولد» ذكرا كان أو أنثى فالمراد بإرثه لها إحراز جميع ما لها إذ هو المشروط بانتفاء الولد بالكلية لا إرثه لها في الجملة فإنه يتحقق مع وجود بنتها وليس في الآية ما يدل على سقوط الأخوة بغير الولد ولا على عدم سقوطهم وإنما دلت على سقوطهم مع الأب السنة الشريفة «فإن كانتا اثنتين» عطف على الشرطية الأولى أي اثنتين فصاعدا «فلهما الثلثان مما ترك» الضمير لمن يرث بالأخوة والتأنيث والتثنية باعتبار المعنى قيل وفائدة الإخبار عنها باثنتين مع دلالة ألف التثنية على الأثنينية التنبيه على أن المعتبر في اختلاف الحكم هو العدد دون الصغر والكبر وغيرهما «وإن كانوا» أي من يرث بطريق الأخوة «إخوة» أي مختلطة «رجالا ونساء» بدل من أخوة والأصل وإن كانوا أخوة وأخوات فغلب المذكر على المؤنث «فللذكر» أي فللذكر منهم «مثل حظ الأنثيين» يقتسمون التركة على طريقة التعصيب وهذا آخر ما أنزل من كتاب الله تعالى في الأحكام روي أن الصديق رضي الله تعالى عنه قال في خطبته ألا إن الآية التي أنزلها الله تعالى في سورة النساء في الفرائض فأولها الولد والوالد وثانيها في الزوج والزوجة والأخوة من الأم والآية التي ختم بها السورة في الأخوة والأخوات لأبوين أو لأب والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام «يبين الله لكم» أي حكم الكلالة أو أحكامه وشرائعه التي من جملتها حكمها «أن تضلوا» أي كراهة أن تضلوا في ذلك وهذا رأي البصريين صرح به المبرد وذهب الكسائي والفراء وغيرهما من الكوفيين إلى تقدير اللام في طرفي أن أي لئلا تزولا وقال أبو عبيد رويت للكسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وهو لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجابة أي لئلا يوافق فاستحسنه وليس ما ذكر من الآية والحديث نصا فيما ذهب إليه الكسائي واضرابه فإن التقدير فيهما عند البصريين كراهة أن تزولا وكراهة أن يوافق الخ وقيل ليس هناك حذف ولا تقدير وإنما هو مفعول يبين أي يبين لكم ضلالكم الذي هو من شأنكم إذا خليتم وطباعكم لتحترزوا
(٢٦٤)