تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٥٨
«إلا طريق جهنم» لعدم استعدادهم للهداية إلى الحق والأعمال الصالحة التي هي طريق الجنة والمراد بالهداية المفهومة من الاستثناء بطريق الإشارة خلقه تعالى لأعمالهم السيئة المؤدية بهم إلى جهنم عند صرف قدرتهم واختيارهم إلى اكتسابها أو سوقهم إليها يوم القيامة بواسطة الملائكة والطريق على عمومه والاستثناء متصل وقيل خاص بطريق الحق والاستثناء منقطع «خالدين فيها» حال مقدرة من الضمير المنصوب والعامل فيها ما دل عليه الاستثناء دلالة واضحة كأنه قيل يدخلهم جهنم خالدين فيها الخ وقوله تعالى «أبدا» نصب على الظرفية رافع لاحتمال حمل الخلود على المكث الطويل «وكان ذلك» أي جعلهم خالدين في جهنم «على الله يسيرا» لاستحالة أن يتعذر عليه شيء من مراداته تعالى «يا أيها الناس» بعد ما حكى لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعلل اليهود بالأباطيل واقتراحهم الباطل تعنتا ورد عليهم ذلك بتحقيق نبوته عليه الصلاة والسلام وتقرير رسالته ببيان أن شأنه عليه الصلاة والسلام في أمر الوحي والإرسال كشئون من يعترفون بنبوته من مشاهير الأنبياء عليهم السلام وأكد ذلك بشهادته سبحانه وشهادة الملائكة أمر المكلفون كافة على طريق تلوين الخطاب بالإيمان بذلك أمرا مشفوعا بالوعد بالإجابة والوعيد على الرد تنبيها على أن الحجة قد لزمت ولم يبق بعد ذلك لأحد عذر في عدم القبول وقوله عز وجل «قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم» تكرير للشهادة وتقرير لحقية المشهود به وتمهيد لما يعقبه من الأمر بالإيمان وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة لتأكيد وجوب طاعته والمراد بالحق هو القرآن الكريم والباء متعلقة بجاءكم فهي للتعدية أو بمحذوف وقع حالا من الرسول أي ملتبسا بالحق ومن أيضا متعلقة إما بالعقل وإما بمحذوف هو حال من الحق أي جاءكم به من عنده تعالى أو جاءكم بالحق ومن أيضا متعلقة إما بالفعل وإما بمحذوف هو حال من الحق أي جاءكم به من عنده تعالى أو جاءكم بالحق كائنا من عنده تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين للإيذان بأن ذلك لتربيتهم وتبليغهم إلى كمالهم اللائق بهم ترغيبا لهم في الامتثال بما بعده من الأمر والفاء في قوله عز وجل «فآمنوا» للدلالة على إيجاب ما قبلها لما بعدها أي فآمنوا به وبما جاء به من الحق وقوله تعالى «خيرا لكم» منصوب على أنه مفعول لفعل واجب الإضمار كما هو رأي الخليل وسيبويه أي اقصدوا أو ائتوا أمرا خيرا لكم مما أنتم فيه من الكفر أو على أنه نعت لمصدر محذوف كما هو في رأي الفراء أي آمنوا إيمانا خيرا لكم أو على أنه خبر كان المضمرة الواقعة جوابا للأمر لاجزاء للشرط الصناعي وهو رأي الكسائي وأبي عبيدة أي يكن الإيمان خيرا لكم «وإن تكفروا» أي إن تصروا وتستمروا على الكفر به «فإن لله ما في السماوات والأرض» من الموجودات سواء كانت داخلة في حقيقتهما وبذلك يعلم حال أنفسهما على أبلغ وجه وآكده أو خارجة عنهما مستقرة فيهما من العقلاء وغيرهم فيدخل في جملتهم المخاطبون دخولا أوليا أي كلها له عز وجل
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254