بظهور اقتضاء حشر أحدهما لحشر الآخر ضرورة عموم الحشر للخلائق كافة كما ترك ذكر أحد الفريقين في التفصيل عند قوله تعالى فأما الذين آمنوا بالله الآية مع عموم الخطاب لهما اعتمادا على ظهور اقتضاء إثابة أحدهما لعقاب الآخر ضرورة شمول الجزاء للكل وقيل الضمير للمستنكفين وهناك مقدر اقتضاء إثابة أحدهما لعقاب الآخر ضرورة شمول الجزاء للكل وقيل الضمير للمستنكفين وهناك مقدر معطوف عليه والتقدير فسيحشرهم وغيرهم وقيل المعنى فسيحشرهم إليه يوم يحشر العباد لمجازاتهم وفيه إن الأنسب بالتفصيل الآتي اعتبار حشر الكل في الإجمال على نهج واحد وقرئ فسيحشرهم بنون العظمة بطريق الالتفات «فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات» بيان لحال الفريق المطوي ذكره في الإجمال قدم على بيان حال ما يقابله إبانة لفضله ومسارعة إلى بيان كونه حشره أيضا معتبرا في الإجمال وإيراده بعنوان الإيمان والعمل الصالح لا بوصف عدم الاستنكاف المناسب لما قبله وما بعده للتنبيه على أنه المستتبع لما يعقبه من الثمرات «فيوفيهم أجورهم» من غير أن ينقص منها شيئا أصلا «ويزيدهم من فضله» بتضعيفها أضعافا مضاعفة وبإعطاء ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر 6 «وأما الذين استنكفوا» أي عن عبادته عز وجل «واستكبروا فيعذبهم» بسبب استنكافهم واستكبارهم «عذابا أليما» لا يحيط به الوصف «ولا يجدون لهم من دون الله وليا» بلى أمورهم ويدبر مصالحهم «ولا نصيرا» بنصرهم من بأسه تعالى وينجيهم من عذابه «يا أيها الناس» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى كافة المكلفين إثر بيان بطلان ما عليه الكفرة من فنون والضلال وإلزامهم بالبراهين القاطعة التي تخر لها صم الجبال وإزاحة شبههم الواهية بالبينات الواضحة وتنبيه لهم على أن الحجة قد تمت فلم يبق بعد ذلك عله لمتعلل ولا عذر لمعتذر «قد جاءكم» أي وصل إليكم وتقرر في قلوبكم بحيث لا سبيل لكم إلى الإنكار «برهان» البرهان ما يبرهن به على المطلوب والمراد به القرآن الدال على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم المثبت لما فيه من الاحكام التي من جملتها ما أشير إليه مما أثبتته الآيات الكريمة من حقية الحق وبطلان الباطل وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عبر عنه به لما معه من المعجزات التي تشهد بصدقه وقيل هو المعجزات التي أظهرها وقيل هو دين الحق الذي أتى به وقوله تعالى «من ربكم» إما متعلق بجاءكم أو بمحذوف وقع صفة مشرفة لبرهان مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أي كائن منه تعالى على أن من لابتداء الغاية مجازا وقد جوز على الثاني كونها تبعيضية بحذف المضاف أي كائن من براهين ربكم والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار اللطف بهم والإيذان بأن مجيئه إليهم لتربيتهم وتكميلهم «وأنزلنا إليكم نورا مبينا» أريد به أيضا القرآن الكريم عبر عنه تارة بالبرهان لما أشير إليه آنفا وأخرى بالنور المنير بنفسه المنور لغيره إيذانا
(٢٦٢)