تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
بسبب كفرهم «فلا يؤمنون إلا قليلا» منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه أو إلا إيمانا قليلا لا يعبأ به «وبكفرهم» أي بعيسى عليه السلام وهو عطف على قولهم وإعادة الجار لطول ما بينهما بالاستطراد وقد جوز عطفه على بكفرهم فيكون هو ما عطف عليه من أسباب الطبع وقيل هذا المجموع معطوف على مجموع ما قبله وتكرير ذكر الكفر للإيذان بتكرر كفرهم حيث كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد عليهم الصلاة والسلام «وقولهم على مريم بهتانا عظيما» لا يقادر قدره حيث نسبوها إلى ما هي عنه بألف منزل «وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله» نظم قولهم هذا في سلك سائر جناياتهم التي نعيت عليهم ليس لمجرد كونه كذبا بل لتضمنه لابتهاجهم بقتل النبي عليه السلام والاستهزاء به فإن وصفهم له بعنوان الرسالة إنما هو بطريق التهكم به عليه السلام كما في قوله تعالى يا أيها الذي نزل عليه الذكر الخ ولإنبائه عن ذكرهم له عليه السلام بالوجه القبيح على ما قيل من أن ذلك وضع للذكر جميل من جهته تعالى مكان ذكرهم القبيح وقيل نعت له عليه السلام من جهته تعالى مدحا له ورفعا لمحله عليه السلام وإظهارا لغاية جراءتهم في تصديهم لقتله ونهاية وقاحتهم في افتخارهم بذلك «وما قتلوه وما صلبوه» حال واعتراض «ولكن شبه لهم» روى أن رهطا من اليهود سبوه عليه السلام وأمه فدعا عليهم فمسخهم الله تعالى قردة وخنازير فأجمعت اليهود على قتله فأخبره الله تعالى بأنه يرفعه إلى السماء فقال لأصحابه أيكم يرضى بأن يلقى عليه شبهي فيقتل فيصلب ويدخل الجنة فقال رجل منهم أنا فألقى الله تعالى عليه شبهه فقتل وصلب وقيل كان رجل ينافق عيسى عليه السلام فلما أرادوا قتله قال أنا أدلكم عليه فدخل بيت عيسى عليه السلام فرفع عيسى عليه السلام وألقى شبهة على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى عليه السلام وقيل إن طيطانوس اليهودي دخل بيتا كان هو فيه فلم يجده فألقى الله تعالى عليه شبهه فلما خرج ظن أنه عيسى عليه السلام فأخذ وقتل وأمثال هذه الخوارق لا تستبعد في عصر النبوة وقيل إن اليهود لما هموا بقتله عليه السلام فرفعه الله تعالى إلى السماء خاف رؤساء اليهود من وقوع الفتنة بين عوامهم فأخذوا إنسانا فقتلوه وصلبوه ولبسوا على الناس وأظهروا لهم أنه هو المسيح وما كانوا يعرفونه إلا بالاسم لعدم مخالطته عليه السلام لهم إلا قليلا وشبه مسندا إلى الجار والمجرور كأنه قيل ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسى عليه السلام والمقتول أوفى الأمر على قول من قال لم يقتل أحد ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس أو إلى ضمير المقتول لدلالة إنا قتلنا على أن ثم مقتولا «وإن الذين اختلفوا فيه» أي في شأن عيسى عليه السلام فإنه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس فقال بعض اليهود إنه كان كذبا فقتلناه حتما وتردد آخرون فقال بعضهم إن كان هذا عيسى
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254