بشر موضع أنذر تهكما بهم «الذين يتخذون الكافرين أولياء» في محل النصب أو الرفع على الذم بمعنى أريد بهم الذين أوهم الذين وقيل نصب على انه صفة للمنافقين وقوله تعالى «من دون المؤمنين» حال من فاعل يتخذون أي يتخذون الكفرة أنصارا متجاوزين ولاية المؤمنين وكانوا يوالونهم ويقول بعضهم لبعض لا يتم أمر محمد صلى الله عليه وسلم فتولوا اليهود «أيبتغون عندهم العزة» إنكار لرأيهم وإبطال له وبيان لخيبة رجائهم وقطع لأطماعهم الفارغة والجملة معترضة مقررة لما قبلها أي أيطلبون بموالاة الكفرة القوة والغلبة قال الواحدي أصل العزة الشدة ومنه قيل للأرض الشديدة الصلبة عزاز وقوله تعالى «فإن العزة لله جميعا» تعليل لما يفيده الاستفهام الإنكارى من بطلان رأيهم وخيبة رجائهم فإن انحصار جميع أفراد العزة في جنابة عز وعلا بحيث لا ينالها إلا أولياؤه الذين كتب لهم العزة والغلبة قال تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين يقضى ببطلان التعزز بغيره سبحانه وتعالى واستحالة الانتفاع به وقيل هو جواب شرط محذوف كأنه قيل إن يبتغوا عندهم عزة فإن العزة لله وجميعا حال من المستكن في قوله تعالى لله لاعتماده على المبتدأ «وقد نزل عليكم» خطاب للمنافقين بطريق الالتفات مفيد لتشديد التوبيخ الذي يستدعيه تعداد جناياتهم وقرئ مبنيا للمفعول من التنزيل والإنزال ونزل أيضا مخففا والجملة حال من ضمير يتخذون أيضا مفيدة لكمال قباحة حالهم ونهاية استعصائهم عليه سبحانه ببيان أنهم فعلوا ما فعلوا من موالاة الكفرة مع تحقق ما يمنعهم من ذلك وهو وردود النهى الصريح عن مجالستهم المستلزم للنهي عن موالاتهم على أبلغ وجه وآكده إثر بيان انتفاء ما يدعوهم إليه بالجملة المعترضة كأنه قيل تتخذونهم أولياء والحال أنه تعالى قد نزل عليكم قبل هذا بمكة «في الكتاب» أي القرآن الكريم «أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره» وذلك قوله تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم الآية وهذا يقتضى الانزجار عن مجالستهم في تلك الحالة القبيحة فكيف بموالاتهم والاعتزاز بهم وأن هي المخففة من ان وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف والجملة الشرطية خبرها وقوله تعالى يكفر بها حال من آيات الله وقوله تعالى ويستهزأ بها عطف عليه داخل في حكم الحالية وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتشريفها وإبانة خطرها وتهويل أمر الكفر بها أي نزل عليكم في الكتاب أنه إذا سمعتم آيات الله مكفورا بها ومستهزأ بها وفيه دلالة على أن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وإن خوطب به خاصة منزل على الأمة وأن مدار الإعراض عنهم هو العلم بخوضهم في الآيات ولذلك عبر عن ذلك تارة بالرؤية
(٢٤٤)