تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٤٦
آخر من قبائح أعمالهم أي يفعلون ما يفعل المخادع من إظهار الإيمان وإبطال نقيضه والله فاعل بهم ما يفعل الغالب في الخداع حيث تركهم في الدنيا معصومى الدماء والأموال وأعد لهم في الآخرة الدرك الأسفل من النار وقد مر التحقيق في صدر سورة البقرة وقيل يعطون على الصراط نورا كما يعطى المؤمنون فيمضون بنورهم ثم يطفأ نورهم ويبقى نور المؤمنين فينادون انظرونا نقتبس من نوركم «وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى» متثاقلين كالمكره على الفعل وقرئ بفتح الكاف وهما جمعا كسلان «يراؤون الناس» ليحسبوهم مؤمنين والمراءاة مفاعلة بمعنى التفعيل كنعم وناعم أو للمقابلة فإن المرئى يرى غيره عمله وهو يريه استحسانه والجملة اما استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل فماذا يريدون بقيامهم إليها كسالى فقيل يراءون الخ أو حال من ضمير قاموا «ولا يذكرون الله إلا قليلا» عطف على يراءون أي لا يذكرونه سبحانه إلا ذكرا قليلا وهو ذكرهم باللسان فإنه بالإضافة إلى الذكر بالقلب قليل أو إلا زمانا قليلا أو لا يصلون إلا قليلا لأنهم لا يصلون إلا بمر أي من الناس وذلك قليل وقيل لا يذكرونه تعالى في الصلاة إلا قليلا عند التكبير والتسليم «مذبذبين بين ذلك» حال من فاعل يراءون أو منصوب على الذم وذلك إشارة إلى الإيمان والكفر المدلول عليهما بمعونة المقام أي مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان وحقيقة المذبذب ما يذب ويدفع عن كلا الجانبين مرة بعد أخرى وقرئ بكسر الذال أي مذبذبين قلوبهم أو رأيهم أو دينهم أو هو بمعنى متذبذبين كما جاء صلصل بمعنى تصلصل وفي مصحف ابن مسعود رضى الله عنه متذبذبين وقرئ مدبدبين بالدال غير المعجمة وكأن المعنى أخذ بهم تارة في دبة أي طريقة وأخرى في أخرى «لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء» اى لامنسوبين إلى المؤمنين ولا منسوبين إلى الكافرين أولا صائرين إلى الأولين ولا إلى الآخرين فمحله النصب على أنه حال من ضمير مذبذبين أو على أنه بدل منه أو بيان وتفسير له «ومن يضلل الله» لعدم استعداده للهداية والتوفيق «فلن تجد له سبيلا» موصلا إلى الحق والصواب فضلا عن أن تهديه إليه والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين» نهوا عن موالاة الكفرة صريحا وإن كان في بيان حال المنافقين مزجرة عن ذلك مبالغة في الزجر والتحذير «أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا» أي أتريدون بذلك أن تجعلوا لله عليكم حجة بينه على أنكم منافقون فإن موالاتهم أوضح أدلة النفاق أو سلطانا يسلط عليكم عقابه وتوجيه الإنكار إلى الإرادة دون متعلقها بأن يقال أتجعلون المبالغة في إنكاره وتهويل أمره ببيان أنه مما لا يصدر عن العاقل أرادته فضلا عن صدور نفسه كما في قوله عز وجل أم تريدون أن تسألوا رسولكم
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254