تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
استبدال السلعة بالثمن أي أخذها بدلا منه أخذا ناشئا عن الرغبة فيها والإعراض عنه للإيذان بكمال رغبتهم في الضلالة التي حقها أن يعرض عنها كل الإعراض وإعراضهم عن الهداية التي يتنافس فيها المتنافسون وفيه من التسجيل على نهاية سخافة عقولهم وغاية ركاكة آرائهم ما لا يخفى حيث صورت حالهم بصورة ما لا يكاد يتعاطاه أحد ممن له أدنى تمييز وليس المراد بالضلالة جنسها الحاصل لهم من قبل حتى يخل بمعنى الاشتراء المنبئ عن تأخرها عنه بل هو فردها الكامل وهو عنادهم وتماديهم في الكفر بعد ما علموا بشأن النبي صلى الله عليه وسلم وتيقنوا بحقية دينه وأنه هو النبي العربي المبشر به في التوراة ولا ريب في أن هذه الرتبة لم تكن حاصلة لهم قبل ذلك وقد مر في أوائل سورة البقرة «ويريدون» عطف على يشترون شريك له في بيان محل التشنيع والتعجيب وصيغة المضارع فيهما للدلالة على الاستمرار التجددي فإن تجدد حكم اشترائهم المذكور وتكرر العمل بموجبه في قوة تجدد نفسه وتكرره أي لا يكتفون بضلال أنفسهم بل يريدون بما فعلوا من كتمان نعوته عليه السلام «أن تضلوا» أنتم أيضا أيها المؤمنون «السبيل» المستقيم الموصل إلى الحق «والله أعلم» أي منكم «بأعدائكم» جميعا ومن جملتهم هؤلاء وقد أخبركم بعداوتهم لكم وما يريدون بكم لتكونوا على حذر منهم ومن مخالطتهم أو هو أعلم بحالهم ومآل أمرهم والجملة معترضة لتقرير ارادتهم المذكورة «وكفى بالله وليا» في جميع أموركم ومصالحكم «وكفى بالله نصيرا» في كل المواطن فثقوا به واكتفوا بولايته ونصرته ولا تتولوا ولا تبالوا بهم وبما يسومونكم من السوء فإنه تعالى يكفيكم مكرهم وشرهم ففيه وعد ووعيد والباء مزيدة في فاعل كفى لتأكيد الاتصال الإسنادي بالاتصال الإضافي وتكرير الفعل في الجملتين مع إظهار الجلالة في مقام الإضمار لا سيما في الثاني لتقوية استقلالها المناسب للإعتراض وتأكيد كفايته عز وجل في كل من الولاية والنصرة والإ شعار بعليتهما فإن الألوهية من موجباتهما لا محالة «من الذين هادوا» قيل هو بيان لأعدائكم وما بينهما اعتراض وفيه أنه لا وجه لتخصيص علمه سبحانه بطائفة من أعدائهم لا سيما في معرض الاعتراض الذي حقه العموم والإطلاق وانتظام ما هو المقصود في المقام إنتظاما أوليا كما أشير اليه وقيل هو صلة لنصير أي ينصركم من الذين هادوا كما في قوله تعالى «فمن ينصرني من الله» وفيه ما فيه من تحجير واسع نصرته عز وجل مع أنه لا داعي إلى وضع الموصول موضع ضمير الأعداء لأن ما في حيز الصلة ليس بوصف ملائم للنصر وقيل هو خبر مبتدأ محذوف وقع قوله تعالى «يحرفون الكلم عن مواضعه» صفة له أي من الذين هادوا قوم أو فريق يحرفون الخ وفيه أنه يقتضي كون الفريق السابق بمعزل من التحريف الذي هو المصداق لاشترائهم في الحقيقة فالذي يليق بشأن
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254