تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٤٤
بتضمينه معنى التجافي والتجاوز ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لشئ أي كائن من الصداق وفيه بعث لهن على تقليل الموهوب «نفسا» تمييز والتوحيد لما أن المقصود بيان الجنس أي وإن وهبن لكم شيئا من الصداق متجافيا عنه نفوسهن طيبات غير مخبثات بما يضطرهن إلى البذل من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم لكن عدل عن لفظ الهبة والسماحة إلى ما عليه النظم الكريم إيذانا بأن العمدة في الأمر إنما هو طيب النفس وتجافيها عن الموهوب بالمرة «فكلوه» أي فخذوا ذلك الشئ الذي طابت به نفوسهن وتصرفوا فيه تملكا وتخصيص الأكل بالذكر لأنه معظم وجوه التصرفات المالية «هنيئا مريئا» صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ إذا كان سائغا لا تنغيص فيه وقيل الهنئ الذي يلذه الأكل والمرئ ما يحمده عاقبته وقيل ما ينساغ في مجراه الذي هو المرء وهو ما بين الحلقوم إلى فم المعدة سمي بذلك لمروء الطعام فيه أي إنسياغه ونصبهما على أنهما صفتان للمصدر أي أكلا هنيئا مريئا أو على انهما حالان من الضمير المنصوب أي كلوة وهو هنئ مرئ وقد يوقف على كلوة ويبتدأ هنيئا مريئا على الدعاء وعلى انهما صفتان أقيمتا مقام المصدرين كأنه قيل هنأ ومرأ وهذه عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعية وروى أن ناسا كانوا يتأثمون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئا مما ساقه إليها فنزلت «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم» رجوع إلى بيان بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى وتفصيل ما أجمل فيما سبق من شرط إيتائها ووقته وكيفيته إثر بيان بعض الأحكام المتعلقة بأنفسهن أعني نكاحهن وبيان بعض الحقوق المتعلقة بغيرهن من الأجنبيات من حيث النفس ومن حيث المال استطرادا والخطاب للأولياء نهوا أن يؤتوا المبذرين من اليتامى أموالهم مخافة أن يضيعوها وإنما أضيفت إليهم وهي لليتامى لا نظرا إلى كونها تحت ولايتهم كما قيل فإنه غير مصحح لإتصافها بالوصف الآتي بل تنزيلا لاختصاصها بأصحابها منزلة اختصاصها بالأولياء فكأن أموالهم عين أموالهم لما بينهم وبينهم من الاتحاد الجنسي والنسبي مبالغة في حملهم على المحافظة عليها كما في قوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم» أي لا يقتل بعضكم بعضا حيث عبر عن بني نوعهم بأنفسهم مبالغة في زجرهم عن قتلهم فكأن قتلهم قتل أنفسهم وقد أيد ذلك حيث عبر عن جعلها مناطا لمعاش أصحابها بجعلها مناطا لمعاش الأولياء فقيل «التي جعل الله لكم قياما» أي جعلها الله شيئا تقومون به وتنتعشون على حذف المفعول الأول فلو ضيعتموه لضعتم ثم زيد في المبالغة حتى جعل ما به القيام قياما فكأنها في أنفسها قيامكم وانتعاشكم وقيل إنما أضيفت إلى الأولياء لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم حيث لم يقصد بها الخصوصية الشخصية بل الجنسية التي هي معنى ما يقام به المعاش وتميل إليه القلوب ويدخر لأوقات الاحتياج وهي بهذا الاعتبار لا تختص باليتامى وأنت خبير بأن ذلك بمعزل من حمل الأولياء على المحافظة المذكورة كيف لا والوحدة الجنسية المالية ليست مختصة بما بين أموال اليتامى وأموال
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254