ع ثم تتناول الآية كل من دخل تحت صفة الفقر غابر الدهر ثم بين الله سبحانه من أحوال أولئك الفقراء المهاجرين ما يوجب الحنو عليهم بقوله أحصروا في سبيل الله والمعنى حبسوا ومنعوا وتأول الطبري في هذه الآية أنهم هم حابسوا أنفسهم بربقة علي الدين وقصد الجهاد وخوف العدو إذ أحاط بهم الكفر فصار خوف العدو عذرا أحصروا به ع كأن هذه الأعذار أحصرتهم حتى فالعدو وكل محيط يحصر وقوله في سبيل الله يحتمل الجهاد ويحتمل الدخول في الاسلام والضرب في الأرض هو التصرف في التجارة وكانوا لا يستطيعون ضربا في الأرض لكون البلاد كلها كفرا مطبقا وهذا في صدر الهجرة وكانوا رضي الله عنهم من الانقباض وترك المسألة والتوكل على الله تعالى بحيث يحسبهم الجاهل بباطن أحوالهم أغنياء ت واعلم أن المواساة واجبة وقد خرج مسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له قال فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل انتهى والتعفف تفعل وهو بناء مبالغة من عف عن الشئ إذا أمسك عنه وتنزه عن طلبه وبهذا المعنى فسره قتادة وغيره ت مدح الله سبحانه هؤلاء السادة على ما أعطاهم من غنى النفس وفي الحديث الصحيح ليس الغنى عن كثرة المال وإنما الغنى غنى النفس وقد صح
(٥٣٠)