تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٣٦٤
وقال قتادة، والربيع: الخطاب لليهود والنصارى، لأنهم تكلموا في تحويل القبلة، وفضلت كل فرقة توليها، فقيل لهم: ليس البر ما أنتم فيه، ولكن البر من آمن بالله (1).
وقوله تعالى: (وآتى المال على حبه...) الآية: هذه كلها حقوق في المال سوى الزكاة، قال الفخر (2): وروت فاطمة بنت قيس، أن في المال حقا سوى الزكاة (3)، وتلا:
(وأتى المال على حبه...) الآية، وعنه صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن بالله واليوم الآخر من بات شبعان، وجاره طاويا إلى جنبه " (4) انتهى.

(1) أخرجه الطبري (2 / 99 - 100) برقم (2526 - 2528) عن قتادة، و الربيع بن أنس، وذكره ابن عطية (1 / 243).
و أخرجه عبد الرزاق في " التفسير " (1 / 66) عن قتادة. و ذكره السيوطي في " الدر " (1 / 310) عن قتادة، و عزاه لعبد الرزاق، و ابن جرير.
(2) " التفسير الكبير " (5 / 35).
(3) أخرجه الترمذي (3 / 48) في الزكاة، باب ما جاء أن في المال حقا سوى الزكاة (659، 660). و الطبري (2 / 57)، و الدارمي (1 / 385) في الزكاة، باب ما يجب في مال سوى الزكاة. و الدارقطني (2 / 125) في الزكاة، باب تعجيل الصدقة قبل الحول رقم (11، 12). و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2 / 27)، و البيهقي (4 / 84) في الزكاة: باب الدليل على أن من أدى فرض الله في الزكاة، فليس عليه أكثر منه إلا أن يتطوع... من طريق شريك، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس بنحوه.
و قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذلك، و أبو حمزة ميمون الأعور يضعف. وروى بيان و إسماعيل بن سالم، عن الشعبي هذا الحديث من قوله. و هذا أصح. و قال البيهقي: هذا حديث يعرف بأبي حمزة ميمون الأعور كوفي، و قد جرحه أحمد بن حنبل، و يحيى بن معين، فمن بعدهما من حفاظ الحديث. والذي يرويه أصحابنا في التعاليق ليس في المال حق سوى الزكاة - فلست أحفظ فيه إسنادا.
و أخرجه ابن ماجة بالإسناد السابق (1 / 570) في الزكاة، باب ما أدي زكاته ليس بكنز (1789) بلفظ:
" ليس في المال حق سوى الزكاة ".
و قال النووي كما في تخريج أحاديث " الكشاف " للزيلعي (1 / 107): حديث " ليس في المال حق سوى الزكاة " حديث منكر: ثم نقل كلام البيهقي برمته.
و بالجملة فالحديث كيفما كان ضعيف بأبي حمزة ميمون الأعور، ضعفه الترمذي. و قال البيهقي: لا يثبت إسناده، تفرد به أبو حمزة الأعور، و هو ضعيف. و من تابعه أضعف منه.
و للفظ الأول من الحديث شاهد أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 89، 90)، من طريق موسى بن إسماعيل، عن محمد بن راشد، عن عبد الكريم، عن حبان بن جزي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم: " في المال حق بعد الزكاة "؟ قال: نعم، يحمل على النجيبة ".
(4) أخرجه البزار (1 / 76 -. كشف) رقم (115)، من طريق حسين بن علي الجعفي، ثنا سفيان بن عيينة " عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس مرفوعا بلفظ: " ليس المؤمن الذي يبيت شبعان و جاره طاوي ".
و قال البزار: لا نعلمه، يروى عن أنس إلا من هذا الوجه.
قلت: و في كلام البزار نظر، حيث إن للحديث طريقا آخر عن أنس: أخرجه الطبراني في " المعجم
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست