تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
والنسخ جائز على الله تعالى عقلا، لأنه لا يلزم عنه محال (1)، ولا تغيير صفة من صفاته تعالى /، وليست الأوامر متعلقة بالإرادة، فيلزم من النسخ أن الإرادة تغيرت، ولا النسخ، لطروء علم، بل الله تعالى يعلم إلى أي وقت ينتهي أمره بالحكم الأول، ويعلم نسخه له بالثاني، والبدأ لا يجوز على الله تعالى، لأنه لا يكون إلا لطرو علم أو لتغير إرادة، وذلك محال في جهة الله تعالى، وجعلت اليهود النسخ والبدأ واحدا، فلم يجوزوه، فضلوا.
والمنسوخ عند أئمتنا الحكم الثابت نفسه لا ما ذهبت إليه المعتزلة من أنه مثل الحكم الثابت فيما يستقبل والذي قادهم إلى ذلك مذهبهم في أن الأوامر مراده وأن

١٠٢)، " تقريب الوصول " لابن جزي (ص ١٢٥)، " شرح مختصر المنار " للكوراني (ص ٩١)، " نشر البنود " للشقيطي (٢ / ٢٨٠)، " شرح الكوكب المنير " للفتوحي (ص ٤٦٢).
و ينظر: " تهذيب اللغة " (٧ / ١٨١)، " لسان العرب " (٦ / ٤٤٠٧)، " تاج العروس " (٢ / ٢٨٢)، " معيار العقول في علم الأصول " لابن المرتضي (١ / ١٧٢)، " كشف الأسرار " (٣ / ١٥٤)، " حواشي المنار " (٧٠٨)، " العدة " (٣ / ٧٧٨)، " الحدود " للباجي (ص ٤٩)، " اللمع " (ص ٣٠) " الوصول " لابن برهان (٢ / ٧)، " روضة الناظر " (٢٦)، " الرسالة " للشافعي (128)، " المغني " للخبازي (250)، " المسودة " (195)، " شرح تنقيح الفصول " (301)، " تقريب الوصول " (125)، " المنتهى " لابن الحاجب (113).
(1) أجمع أهل الشرائع طرا من المسلمين و النصارى و اليهود على جوازه عقلا، و خالف في ذلك الشمعونية من اليهود، متمسكين بشبه واهية.
احتج الجمهور بدليل عقلي حاصله: أن المخالف لا يخلو حاله من أحد أمرين: أما إن يكون ممن يوافق على أن الله (تعالى) هو الفاعل المختار، له أن يفعل ما يشاء كما يشاء من غير نظر إلى حكمة و غرض.
و إما أن يكون ممن يعتبر المصلحة في أفعاله (تعالى)، فإن كان الأول، فليس في العقل ما يمنع من أن يأمر الله بشئ في وقت و ينهى عنه في وقت آخر، كأمره بالصوم في اليوم الأخير من رمضان، و نهيه عنه في اليوم الأول من شوال. و إن كان الثاني، فلا يمتنع أن يعلم الله أن في الفعل مصلحة في وقت، فيأمر به، و أن في الفعل مضرة في وقت آخر، فينهى عنه، فإن المصلحة مما تختلف باختلاف الأشخاص و الأحوال. أما اختلافها بالأشخاص، فإنا نرى الغنى مصلحة لبعض الناس، و الفقر مفسدة له، بينما نرى الفقر مصلحة للبعض الآخر، و الغنى مفسدة له، يدلنا على ذلك قول الرسول الأمين فيما يرويه عن رب العالمين: " إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، و لو أغنيته لأفسده. و إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، و لو أفقرته لأفسده " و أما اختلافها بحسب الأحوال و الأزمان، فإنا نرى الشدة و الغلظة نافعة في زمان دون زمان، لا ينفع فيه إلا المداراة و المساهلة. و مثل ذلك المريض يكون تناول الدواء مفيدا له حين مرضه، فيأمره الطبيب بتناوله، و يكون مضرا له بعد سلامته، فينهاه الطبيب عنه حينئذ، أو كالغداء الجيد لا تتحمله معدة المريض الضعيف، فينهى عنه. فإذا شفي من مرضه و سلمت معدته و احتاج إلى ما يعيد قوته، حتم عليه الطبيب تناول ما كان يمنعه عنه. واعتبر ذلك في تربية الطفل يعطى من الغذاء الخفيف ما يناسبه حتى إذا شب زيد له من متين الغذاء بمقداره. و منع من رضاع أمه، إذ كان ذلك لا يناسب بعد كبره. ينظر: " النسخ " لشيخنا إمام إبراهيم عيسى ص 20.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174