وقوله تعالى: " من كان عدوا لله " الآية: وعيد وذم لمعادي جبريل، وإعلام أن عداوة البعض تقتضي عداوة الله لهم، وعطف جبريل وميكائيل على الملائكة، وقد كان ذكر الملائكة عمهما، تشريفا لهما، قيل: خصا لأن اليهود ذكروهما، ونزلت الآية بسببهما، فذكرا ليلا تقول اليهود: إنا لم نعاد الله، وجميع ملائكته، وعداوة العبد لله هي معصيته، وترك طاعته، ومعاداة أوليائه، وعداوة الله للعبد تعذيبه وإظهار أثر العداوة عليه.
وقوله تعالى: (أو كلما عاهدوا عهدا...) الآية: قال سيبويه (1): " الواو للعطف، دخلت عليها ألف الاستفهام "، والنبذ: الطرح، ومنه المنبوذ، والعهد الذي نبذوه: هو ما أخذ عليهم في التوراة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم (ولما جاءهم رسول من عند الله) هو محمد صلى الله عليه وسلم و (مصدق): نعت لرسول، وكتاب الله: القرآن، وقيل: التوراة، لأن مخالفتها نبذ لها، و (وراء ظهورهم)، مثل، لأن ما يجعل ظهريا، فقد زال النظر إليه جملة، والعرب تقول: جعل هذا الأمر وراء ظهره، ودبر أذنه.
و (كأنهم لا يعلمون): تشبيه بمن لا يعلم / فيجئ من اللفظ أنهم كفروا على علم.
وقوله تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين...) الآية: يعني اليهود، و (تتلوا): قال عطاء: معناه: تقرأ (2)، وقال ابن عباس: (تتلوا): تتبع (3)، و (على ملك سليمان)، أي: على عهد ملك سليمان، وقال الطبري: (اتبعوا): بمعنى: فضلوا، و (على ملك سليمان)، أي: على شرعه ونبوءته، والذي تلته الشياطين، قيل: إنهم كانوا يلقون إلى الكهنة الكلمة من الحق معها المائة من الباطل، حتى صار ذلك علمهم، فجمعه سليمان، ودفنه تحت كرسيه، فلما مات، أخرجته الشياطين، وقالت: إن ذلك كان علم سليمان.