تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
وقوله تعالى: (والله عليم بالظالمين): ظاهره الخبر، ومضمنه الوعيد، لأن الله سبحانه عليم بالظالمين، وغيرهم، ففائدة تخصيصهم حصول الوعيد.
(و لتجدنهم أحرص الناس على حيوة و من الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون (96) قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بأن الله مصدقا لما بين يديه و هدى و بشرى للمؤمنين (97))

فقالت طائفة: معناهما واحد.
قال أبو الحسن علي بن أحمد: و هو الصحيح عند أهل اللغة، لا فرق بينهما، و قال ذو الرمة: [البسيط] ألفى أباه بذاك الكسب يكتسب.
و قال الآخرون: الاكتساب أخص من الكسب، لأن الكسب ينقسم إلى كسبه لنفسه و لغيره، و لا يقال:
يكتسب، قال الحطيئة: [البسيط] ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فاغفر هداك مليك الناس يا عمر قلت: و الاكتساب: افتعال، و هو يستدعي اهتماما و تعملا و اجتهادا، و أما الكسب فيصح نسبته بأدنى شئ، ففي جانب الفضل جعل لها ما لها فيه أو في سعي. و في جانب العدل لم يجعل عليها إلا ما لها فيه اجتهاد و اهتمام.
و القائلون بالكسب اختلفوا في حقيقته، فقالت المعتزلة: هو إحداث العبد لفعله بقدرته و مشيئته استقلالا، و ليس للرب منع فيه، و لا هو خالق فعله، ولا مكونه، و لا مريد له.
و قالت الأشعرية: هو مقارنة قدرة العبد لفعله الاختياري في محل واحد هو العبد، بمعنى أنه متى خلق الله القدرة التي هي العرض مقارنة لذلك الفعل، كان ذلك الفعل اختياريا و مكسوبا للعبد بدون أن يكون لقدرته فيه مدخل أصلا، و إن لم يخلق الله تلك القدرة المقارنة للفعل، بل خلق الفعل في العبد فقط، كان ذلك الفعل اضطراريا، و لم يكن مكسوبا للعبد. و هذا الفريق صرح بأن العبد مجبور في الباطن مختار في الظاهر، فهو عنده مجبور في صورة مختار.
و لا يخفى أن هذا المذهب و مذهب الجبرية واحد معنى، فيلزم على كل من المذهبين ما يلزم على الآخر، و التستر بقالب الاختيار، و صورته الظاهرية، المخالفة للواقع لا يفيد.
و قال العلامة الأمير: الكسب هو صرف إرادة العبد إلى الفعل، وهو أمر اعتباري، لا يحتاج لخلق و إيجاد، و بيان ذلك: أن العبد إذا توجهت إرادته لفعل من أفعاله كالصلاة، أوجد الله (تعالى) في العبد شيئين مقترنين أحدهما فعله بالمعنى الحاصل بالمصدر أي حركاته و سكناته. و الثاني قدرته المتعلقة بفعله تعلق مقارنة، و تعلقه المذكور هو فعله بالمعنى المصدري، فالسبب هو توجه إرادة العبد، و المسبب شيئان وجوديان أوجدهما المولى تعالى مقترنين و هما فعل العبد و قدرته، فلا يناسب حينئذ جعل أحدهما علة أو شرطا لآخر، و إنما السبب أو الشرط في إيجاد المؤثر لهما إرادة العبد، لكنه عادي لا عقلي. فإذا قصد العبد فعل الخير خلق الله (تعالى) فيه قدرة فعل الخير، و خلق الخير معها. وإن قصد فعل الشر خلق الله (تعالى) فيه قدرة فعل الشر، و خلق الشر معها. فكان هو المفوت لقدرة فعل الخير، لقصده فعل الشر، فيستحق الذم.
ينظر: " أفعال العباد " لشيخنا عبد الرحمن إبراهيم ص 51 - 54.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174