تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
تعالى عليه وسلم " والذي نفسي بيده، لا يقولها رجل منهم إلا غص بريقه " (1)، يعني:
يموت مكانه، قال أبو محمد الأصيلي (2): من أعجب أمرهم، أنه لا توجد منهم جماعة ولا واحد من يوم أمر الله تعالى بذلك نبيه يقدم عليه (3)، ولا يجيب إليه، وهذا موجود مشاهد لمن أراد أن يمتحنه منهم. انتهى من " الشفا ".
والمراد بقوله: (تمنوا): أريدوه بقلوبكم، واسألوه، هذا قول جماعة من المفسرين، وقال ابن عباس: المراد به السؤال فقط، وإن لم يكن بالقلب (4)، ثم أخبر تعالى عنهم بعجزهم، وأنهم لا يتمنونه أبدا، وأضاف ذنوبهم واجترامهم إلى الأيدي، إذ الأكثر من كسب (5) العبد الخير والشر، إنما هو بيديه، فحمل جميع الأشياء على ذلك.

(١) ينظر: " تفسير ابن كثير " (١ / ١٨٢)، الغصة: ما تقف في الحلق، فتمنع النفس حتى تهلكه، و غص بريقه: وقع الموت به سريعا.
و قد ورد هذا موقوفا على ابن عباس، أخرجه الطبري و ابن أبي حاتم و ينظر: " الدر المنثور " (١ / ١٧٣).
(٢) عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر، أبو محمد، الأموي، المعروف بالأصيلي: عالم بالحديث، و الفقه. من أهل " أصيلة " (" في المغرب ") أصله من كورة " شبدونة " ولد فيها سنة ٣٢٤ ه‍، و رحل به أبوه إلى " أصيلا " من بلاد العدوة، فنشأ فيها، و يقال: ولد في " أصيلا ". رحل في طلب العلم، فطاف في " الأندلس " و المشروق، و دخل " بغداد " سنة ٣٥١ ه‍، و عاد إلى " الأندلس " في آخر أيام المستنصر، فمات ب‍ " قرطبة "، له كتاب " الدلائل على أمهات المسائل " في اختلاف مالك و الشافعي و أبي حنيفة.
ينظر: " الأعلام " (٦ / ٦٣)، و " جذوة المقتبس " (٢٣٩).
(٣) يقدم عليه أي: على تمني الموت. و لا يجب إليه: أي إلى تمنيه، إذا قيل له: تمنه.
(٤) ذكره السيوطي في " الدر " (١ / ١٧٢) بلفظ: " فاسألوا الموت "، و عزاه لابن جرير.
و ذكره ابن عطية الأندلسي في " التفسير " (١ / ١٨١) بلفظ: " السؤال فقط وإن لم يكن بالقب ". قاله ابن عباس.
(٥) الكسب أصلي في اللغة: الجمع، قاله الجوهري: وهو طلب الرزق، يقال: كسبت شيئا واكتسبته بمعنى، و كسبت أهلي خيرا، و كسبت الرجل مالا فكسب، و هذا مما جاء على فعلته ففعل. والكواسب:
الجوارح، و تكسب: تكلف الكسب، و الكسب قد وقع في القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدها: عقد القلب و عزمه، كقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم و لكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبهم) [البقرة: 225] أي بما عزمتم عليه و قصدتموه.
الوجه الثاني: من الكسب: كسب المال من التجارة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و ما أخرجنا لكم من الأرض) [البقرة: 267]. فالأول للتجار، و الثاني للزراع.
الوجه الثالث: من الكسب: السعي و العمل، كقوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت) [البقرة: 286] و قوله: (بما كنتم تكسبون) [الأعراف: 39] (و ذكر به أن تبسل نفس بما كسبت) [الأنعام: 70] فهذا كله للعمل، و اختلف الناس في الكسب و الاكتساب، هل هما بمعنى واحد أم بينهما فرق؟
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174