تصرفه هذه الفرقة، لشذوذه وقلته، ومنه قوله تعالى: (فإذا هم مبلسون) [الأنعام: 44] أي:
يائسون من الخير، مبعدون منه فيما يرون، و (أبى): معناه: امتنع من فعل ما أمر به، (واستكبر): دخل في الكبرياء، والإباءة مقدمة على الاستكبار في ظهورهما عليه، والاستكبار والأنفة مقدمة في معتقده، وروى ابن القاسم (1) عن مالك، أنه قال: بلغني أن أول معصية كانت الحسد، والكبر، والشح، حسد إبليس آدم، وتكبر، وشح آدم / في أكله من شجرة قد نهي عن قربها (2).
* ت *: إطلاق الشح على آدم فيه ما لا يخفى عليك، والواجب اعتقاد تنزيه الأنبياء عن كل ما يحط من رتبتهم، وقد قال الله تعالى في حق آدم: (و لقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) [طه: 115].
وقوله تعالى: (وكان من الكافرين): قالت فرقة: معناه: وصار من الكافرين، ورده ابن فورك، وقال جمهور المتأولين: معنى: (وكان من الكافرين)، أي: في علم الله تعالى، وقال أبو العالية: معناه: من العاصين (3)، وذهب الطبري إلى أن الله تعالى أراد بقصة إبليس تقريع أشباهه من بني آدم، وهم اليهود الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، مع علمهم بنبوءته، ومع تقدم نعم الله عليهم، وعلى أسلافهم.
* ت *: ولفظ الطبري (4): وفي هذا تقريع لليهود، إذ أبوا من الإسلام مع علمهم بنبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوراة والكتب، حسدا له، ولبني إسماعيل، كما امتنع إبليس من السجود، حسدا لآدم وتكبرا عن الحق وقبوله، فاليهود نظراء إبليس في كفرهم وكبرهم وحسدهم وتركهم الانقياد لأمر الله تعالى. انتهى من " مختصر الطبري " لأبي عبد الله اللخمي النحوي.
واختلف، هل كفر إبليس جهلا أو عنادا؟ على قولين بين أهل السنة، ولا خلاف أنه