* ت *: ما ذكره - رحمه الله - هو عقيدة أهل السنة، وها أنا انقل من كلام الأئمة، إن شاء الله، ما يتبين به كلامه، ويزيده وضوحا، قال ابن رشد: قوله صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " (1) لا يفهم منه إن لله عز وجل كلمات غير تامات، لأن
و المراد الثاني منها: حيث أريد بالكلام الكلام النفسي، فالله منزه عن الاتصاف بالخرس و الآفة. " هو بها آمرناه ": فهو صفة واحدة تتكثر بحسب التعلقات. فالكلام باعتبار تعلق بشئ خبر، و بآخر أمر أو نهي. و بهذا يخرج العلم و القدرة. و هكذا سائر الصفات الوجودية غير الكلام، أنه لا أمر و لا نهي بواحدة منها.
و غير الأشاعرة يقولون: الكلام هو اللفظ المنتظم من الحروف و الأصوات، و ينفون الصفة النفسية و هم في ذلك قد انقسموا إلى قسمين:
القسم الأول: كلامه ألفاظ قائمة بذاته، و هي قديمة، و هم بعض الحنابلة، أو حادثة، وهم الكرامية.
و القسم الثاني: يقول: كلام الله ألفاظ قائمة بالغير. و هم المعتزلة. فالحنابلة يعرفونه: بأنه المؤلف من الكلمات القديمة القائمة بذاته تعالى. و الكرامية يعرفونه: بأنه هو المؤلف من الكلمات الحادثة القائمة بذاته تعالى. و حيث إن المعتزلة لم يعرفوه بالصفة النفسية، فليس عندهم سوى الألفاظ و هي حادثة، لأنها مرتبة، و يستحيل قيام الحادث بالقديم. فهم يقولون: إن كلامه ألفاظ قائمة بغيره، فهم يتجوزون بمتكلم عن موجد و خالق للكلام. و عليه فالمعتزلة لا يثبتون كلاما لله لا نفسيا، كما أثبته الأشاعرة.
و لا لفظيا حادثا كما قالت الكرامية، بل يثبتون كلاما لا على أنه متصف به، بل على أنه مخلوق قائم بغيره.
فالكلام عند المعتزلة هو المؤلف من الكلمات المسموعة الحادثة القائمة بغير الذات. فقد خالفوا جميع الفرق.
ينظر: تحقيق " صفة الكلام " لشيخنا حافظ مهدي ص ٥٢ - ٥٤.
(١) أخرجه مالك (٢ / ٩٧٨)، كتاب " الاستئذان "، باب ما يؤمر به من الكلام في السفر، حديث (٣٤)، و مسلم (٤ / ٢٠٨٠ - ٢٠٨١)، كتاب " الذكر و الدعاء "، باب في التعوذ من سوء القضاء و درك الشقاء و غيره، حديث (٥٤ / ٢٧٠٨)، و الترمذي (٥ / ٤٩٦)، كتاب " الدعوات "، باب ما يقول إذا نزل منزلا، حديث (3437)، و النسائي في " الكبرى " (6 / 144)، كتاب " عمل اليوم و الليلة "، باب ما يقول إذا نزل منزلا، حديث (10394)، و أحمد (6 / 377)، و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة "، رقم (533)، و ابن خزيمة (4 / 150 - 151)، رقم (2567)، و ابن حبان (6 / 418)، رقم (2700)، و البيهقي (5 / 253)، كتاب " الحج "، باب ما يقول إذا نزل منزلا، كلهم من طريق يعقوب بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: " من نزل منزلا فليقل... " فذكرت الحديث.
و قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
و قال: و روى مالك بن أنس هذا الحديث أنه بلغه، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، فذكر نحو هذا الحديث.
و روى ابن عجلان هذا الحديث عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، و يقول: عن سعيد بن المسيب، عن خولة.