كلماته هي قوله، وكلامه هو صفة من صفات ذاته يستحيل عليها النقص، وفي الحديث بيان واضح على أن كلماته عز وجل غير مخلوقة إذ لا يستعاذ بمخلوق، وهذا هو قول أهل السنة، والحق أن كلام الله عز وجل صفة من صفات ذاته قديم غير مخلوق، لأن الكلام هو المعنى القائم في النفس، والنطق به عبارة عنه، قال الله عز وجل: (ويقولون في أنفسهم) [المجادلة: 8] فأخبر أن القول معنى يقوم في النفس، وتقول: في نفسي كلام، أريد أن أعلمك به، فحقيقة كلام الرجل هو المفهوم من كلامه، وأما الذي تسمعه منه، فهو عبارة عنه، وكذلك كلام الله عز وجل القديم الذي هو صفة من صفات ذاته هو المفهوم من قراءة القارئ لا نفس قراءته التي تسمعها، لأن نفس قراءته التي تسمعها محدثة، لم تكن، حتى قرأ بها، فكانت، وهذا كله بين إلا لمن أعمى الله بصيرته. انتهى بلفظه من " البيان ".
وقال الغزالي (1) بعد كلام له نحو ما تقدم لابن رشد: وكما عقل قيام طلب التعلم وإرادته بذات الوالد قبل أن يخلق ولده، حتى إذا خلق ولده، وعقل، وخلق الله سبحانه له علما بما في قلب أبيه من الطلب، صار مأمورا بذلك الطلب الذي قام بذات أبيه، ودام وجوده إلى وقت معرفة ولده، فليعقل قيام الطلب الذي دل عليه قوله عز وجل: (فاخلع نعليك) / [طه: 12] بذات الله تعالى، ومصير موسى عليه السلام سامعا لذلك الكلام