وخطابه للملائكة متقرر قديم في الأزل، بشرط وجودهم وفهمهم، وهذا هو الباب كله في أوامر الله تعالى ونواهيه ومخاطباته.
الذي ذكر في تعريف تلك الصفة هو ذاتياتها بحسب الاصطلاح.
و الثاني: مبني على أن لها قبل المعنى الاصطلاحي معنى وضع الواضع اللفظ ليدل عليه، فذلك المعنى ثان بعد أول، فهو عارض و التعريف بالعوارض رسم. و جزم البعض من المحققين بأنها رسوم، لأن الاطلاع على ذاتيات تلك الصفات غير ممكن. والحد ما تركب من الذاتيات: الجنس، و الفصل. و حيث إن الذاتيات لم يطلع عليها فلا تكون إلا رسوما، لأنها بخواص هذه الصفات فقط، لأن الخواص مأخوذة في تعريف الصفات، حيث أخذ في تعريف صفة الكلام أنها تتعلق دلالة.. و في تعريف صفة القدرة أنها تتعلق تعلق تأثير.
و على كل ف " صفة " يشمل الصفة القديمة و الحادثة. " قديمة ": فصل أو كالفصل - مخرج لغير الصفة القديمة، و هو الصفة الحادثة. ثم الأقوال في القديم و الأزلي ثلاثة:
الأول: القديم هو الذي لا ابتداء لوجوده. و الأزلي: ما لا أول له، عدميا كان أو وجوديا. فكل قديم أزلي و لا عكس.
الثاني: القديم هو القائم بنفسه الذي لا أول لوجوده. و الأزلي: ما لا أول له عدميا كان أو وجوديا، قائما بنفسه أو غيره.
الثالث: القديم و الأزلي: ما لا أول له، عدميا كان أو وجوديا، قائما بنفسه أولا.
فعلى الأول: الصفات السلبية لا توصف بالقدم، و توصف بالأزلية، بخلاف ذات الله تعالى و الصفات الثبوتية، فإنها توصف بالقديم و الأزلية.
و على الثاني: الصفات مطلقا لا توصف بالقدم، و توصف بالأزلية، بخلاف ذاته تعالى، فإنها توصف بكل منهما.
و على الثالث: كل من الذات و الصفات مطلقا يوصف بالقدم و الأزلية. فالقديم في التعريف صحيح على الرأي الأول و الثالث، بخلافه على الثاني " قائمة بذاته ". و للقيام معنيان:
قيام: بمعنى التبعية في التحيز كما في العرض بالنسبة لجوهره. و ليس قيام صفة الله بذاته على هذا النحو، إذ لا تحيز للذات حتى تتبعها الصفة فيه. و قيام: بمعنى آخر هو اختصاص الناعت بالمنعوت.
و هو المراد بقيام الصفة بذاته تعالى.
" ليس بحرف و لا صوت ": لأنه معنى نفسي، و تلك أعراض مشروط حدوث بعضها بانقضاء البعض، إذ امتناع التكلم بالحرف الثاني بدون انقضاء الحرف الأول بدهي، خلافا للحنابلة، و الحشوية، و الكرامية القائلين بأن كلامه منتظم من كلمات قائمة بذاته تعالى. قديم عند الحنابلة، حادث عند الكرامية. " منافية للسكوت و الآفة ": السكوت عدم التكلم مع القدرة عليه.
و الآفة: عدم مطاوعة الآلة، إما بحسب الفطرة كما في الخرس، أو من جهة ضعفها كما في الطفولية.
و لقائل أن يقول: هذا إنما يصدق على الكلام اللفظي دون النفسي، إذ السكوت و الخرس إنما ينافيان التلفظ.
و يجاب بأن المراد ب " السكوت و الآفة ": الباطنيان، بأن لا يريد في نفسه الكلام، أو لا يقدر عليه، و يتخلص في أنه كما أن الكلام لفظي و نفسي، كذلك ضده، و هو السكوت و الخرس: لفظي و باطني،