قال الجوهري: والأمة الطريقة والدين، يقال: فلان لا أمة له، أي لا دين له ولا نحلة.
قال الشاعر:
* وهل يستوي ذو أمة وكفور * وقال مجاهد وقطرب: على دين على ملة. وفي بعض المصاحف " قالوا إنا وجدنا آباءنا على ملة " وهذه الأقوال متقاربة. وحكي عن الفراء على ملة على قبلة الأخفش: على استقامة، وأنشد قول النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع الثانية - " وإنا على آثارهم مهتدون " أي نهتدي بهم. وفي الآية الأخرى " مقتدون " أي نقتدي بهم، والمعنى واحد. قال قتادة: مقتدون متبعون. وفي هذا دليل على إبطال التقليد، لذمه إياهم على تقليد آبائهم وتركهم النظر فيما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد مضى القول في هذا في " البقرة " مستوفى.
(2) وحكى مقاتل أن هذه الآية نزلت في الوليد ابن المغيرة وأبي سفيان وأبي جهل وعتبة وشيبة ابني ربيعة من قريش، أي وكما قال هؤلاء فقد قال من قبلهم أيضا. يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم، ونظيره: " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " (2) [فصلت: 43]. والمترف: المنعم، والمراد هنا الملوك والجبابرة.
قوله تعالى: قل أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون (24) قوله تعالى: " قل أو لو جئتكم بأهدى " أي قل يا محمد لقومك: أو ليس قد جئتكم من عند الله بأهدى، يريد بأرشد. " مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون " يعني بكل ما أرسل به الرسل. فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولفظه لفظ الجمع، لان تكذيبه تكذيب لمن سواه. وقرئ " قل وقال وجئتكم وجئناكم " يعني أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟ قالوا إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وان جئتنا بما هو أهدى. وقد مضى في " البقرة " القول في التقليد وذمه فلا معنى لإعادته. (1)