عن الحاجات سلام عن الآفات، كما قال القدوس السلام، فخلق آدم من الأرض وخلق حواء من آدم وخلق النشأة من بينهما منهما مرتبا على الوطئ كائنا عن الحمل موجودا في الجنين بالوضع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل آنثا (1)). وكذلك في الصحيح أيضا (إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه الولد أعمامه وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله).
قلت: وهذا معنى حديث عائشة لا لفظه خرجه مسلم من حديث عروة بن الزبير عنها أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟
فقال: (نعم) فقالت لها عائشة: تربت يداك وألت (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(دعيها وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك. إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه). قال علماؤنا: فعلى مقتضى هذا الحديث أن العلو يقتضي الشبه، وقد جاء في حديث ثوبان خرجه مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهودي: (ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله...) الحديث. فجعل في هذا الحديث أيضا العلو يقتضي الذكورة والأنوثة، فعلى مقتضى الحديثين يلزم اقتران الشبه للأعمام والذكورة إن علا مني الرجل، وكذلك يلزم إن علا مني المرأة اقتران الشبه للأخوال والأنوثة، لأنهما معلولا علة واحدة، وليس الامر كذلك بل الوجود بخلاف ذلك، لأنا نجد الشبه للأخوال والذكورة والشبه للأعمام والأنوثة فتعين تأويل أحد الحديثين. والذي يتعين تأويله الذي في حديث ثوبان فيقال: إن ذلك العلو معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه أن العلو لما كان معناه الغلبة من قولهم سابقني فلان فسبقته أي غلبته، ومنه قوله تعالى: