المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم أتاه ثابت في منامه فقال له: أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن (1) في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدا فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني أبا بكر - فقل له: إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فأتى الرجل خالدا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتى بها وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته. قال: ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت، رحمه الله، ذكره أبو عمر في الاستيعاب.
الثانية - قوله تعالى: " ولا تجهروا له بالقول " أي لا تخاطبوه: يا محمد، ويا أحمد. ولكن: يا نبي الله، ويا رسول الله، توقيرا له. وقيل: كان المنافقون يرفعون أصواتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، ليقتدي بهم ضعفة المسلمين فنهي المسلمون عن ذلك. وقيل: " لا تجهروا له " أي لا تجهروا عليه، كما يقال: سقط لفيه، أي على فيه.
" كجهر بعضكم لبعض " الكاف كاف التشبيه في محل النصب، أي لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض. وفي هذا دليل [على] أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالهمس والمخافتة، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة، أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منهم فيما بينهم، وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها. " أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " أي من أجل أن تحبط، أي تبطل، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون: أي لئلا تحبط أعمالكم.
الثالثة - معنى الآية الامر بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره، وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته، أي إذا نطق ونطقتم فعليكم ألا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد