قوله تعالى: " أم يقولون افترى على الله كذبا " الميم صلة، والتقدير أيقولون افترى.
واتصل الكلام بما قبل، لان الله تعالى لما قال: " وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب " (1) [الشورى: 15]، وقال " الله الذي أنزل الكتاب بالحق " (2) [الشورى: 17] قال إتماما للبيان: " أم يقولون افترى على الله كذبا " يعني كفار قريش قالوا: إن محمدا اختلق الكذب على الله. " فإن يشأ الله يختم " شرط وجوابه " على قلبك " قال قتادة: يطبع على قلبك فينسيك القرآن، فأخبرهم الله أنه لو افترى عليه لفعل بمحمد ما أخبرهم به في هذه الآية. وقال مجاهد ومقاتل: " إن يشأ الله " يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يدخل قلبك مشقة من قولهم. وقيل: المعنى إن يشأ يزل تمييزك. وقيل: المعنى لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك، قاله ابن عيسى. وقيل: فإن يشأ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم وعاجلهم بالعقاب.
فالخطاب له والمراد الكفار، ذكره القشيري. ثم ابتدأ فقال: " ويمح الله الباطل " قال ابن الأنباري: " يختم على قلبك " تام. وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، مجازه: والله يمحو الباطل، فحذف منه الواو في المصحف، وهو في موضع رفع. كما حذفت من قوله " سندع الزبانية "، (3) [العلق: 18]، " ويدع الانسان " (4) [الاسراء: 11] ولأنه عطف على قوله " يختم على قلبك ". وقال الزجاج:
قول: " أم يقولون افترى على الله كذبا " تمام، وقوله: " ويمح الله الباطل " احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، أي لو كان ما أتى به باطلا لمحاه كما جرت به عادته في المفترين.
" ويحق الحق " أي الاسلام فيثبته " بكلماته " أي بما أنزله من القرآن. " إنه عليم بذات الصدور " عام، أي بما في قلوب العباد. وقيل خاص. والمعنى أنك لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لعلمه وطبع على قلبك.
قوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون (25)