قوله تعالى: " ويقولون متى هذا الوعد " لما قيل لهم: " اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم " قالوا: " متى هذا الوعد " وكان هذا استهزاء منهم أيضا أي لا تحقيق لهذا الوعيد.
قال الله تعالى: " ما ينظرون " أي ما ينتظرون " إلا صيحة واحدة " وهي نفخة إسرافيل " تأخذهم وهم يختصمون " أي يختصمون في أمور دنياهم فيموتون في مكانهم، وهذه نفخة الصعق. وفي " يختصمون " خمس قراءات: قرأ أبو عمرو وابن كثير " وهم يختصمون " بفتح الياء و الخاء وتشديد الصاد. وكذا روى ورش عن نافع. فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فرو وا عنه " يختصمون " بإسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع بين ساكنين. وقرأ عاصم والكسائي " وهم يختصمون " بإسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصمه. وقرأ عاصم والكسائي " وهم يختصمون " بكسر الخاء وتشديد الصاد ومعناه يختصم بعضهم بعضا. وقيل: تأخذهم وهم عند أنفسهم يختصمون في الحجة أنهم لا يبعثون. وقد روى ابن جبير عن أبي بكر عن عاصم وحماد عن عاصم كسر الياء والخاء والتشديد. قال النحاس: القراءة الولي أبينها والأصل فيها يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فنقلت حركتها إلى الخاء - وفى حرف بي " وهم يختصمون " - وإسكان الخاء لا يجوز، لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف مدولين. وقيل: أسكنوا الخاء على أصلها، والمعنى يخصم بعضهم بعضا فحذف المضاف، وجاز أن يكون المعنى يخصمون مجادلهم عند أنفسهم فخذف المفعول، قال الثعلبي: وهي قراءة أبي بن كعب. قال النحاس: فأما " يخصمون " فالأصل فقيه أيضا يختصمون، فأد غمت التاء في الصاد ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين. وزعم الفراء أن هذه القراءة أجود وأكثر، فترك ما هو أولى من إلقاء حركة التاء على الخاء واجتلب لها حركة أخرى وجمع بين ياء وكسرة، وزعم أنه أجود وأكثر.
وكيف يكون أكثر وبالفتح قراءة الخلق من أهل مكة وأهل البصرة وأهل المدينة!
وما روى عن عاصم من كسر الياء والخاء فللإتباع. وقد مضى هذا في " البقرة " (1) في " يخطف