ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا. وقال الحسن: إنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة. أي لا تبقى الشمس حتى يطلع القمر، ولكن إذا غربت الشمس طلع القمر. يحيى بن سلام: لا تدرك الشمس القمر ليلة ا لبدر خاصة لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها. وقيل: معناه إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها، قاله ابن عباس أيضا. وقيل: القمر في السماء الدنيا والشمس في السماء الرابعة فهي لا تدركه، ذكره النحاس والمهدوي. قال النحاس: وأحسن ما قيل في معناها وأبينه مما لا يدفع أن سير القمر سير سريع والشمس لا تدركه في السير ذكره المهدوي أيضا. فأما قول سبحانه: " وجمع الشمس والقمر " [القيامة: 9] فذلك حين حبس الشمس عن الطلوع على ما تقدم بيانه في آخر " الأنعام " (1) ويأتي في سورة " القيامة " أيضا. وجمعهما علامة لانقضاء الدنيا وقيام الساعة.
" وكل " يعنى من الشمس والقمر والنجوم " في فلك يسبحون " أي يجرون. وقيل: يدورون. ولم يقل تسبح، لأنه وصفها بفعل من يعقل. وقال الحسن: الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملصقة، ولو كانت ملصقة ما جرت، ذكره الثعلبي والماوردي. واستدل بعضهم بقول تعالى:
" ولا الليل سابق النهار " على أن النهار مخلوق قبل الليل، وأن الليل لم يسبقه بخلق. وقيل:
كل واحد منهما يجئ وقته ولا يسبق صاحبه إلى أن يجمع بين الشمس والقمر يوم القيامة، كما قال: " وجمع الشمس والقمر " وإنما هذا التعاقب الآن لتتم مصالح العباد " لتعلموا عدد السنين والحساب " [يونس: 5] ويكون الليل للإجمام والاستراحة، والنهار للتصرف، كما قال تعالى:
" ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " [القصص: 73] وقال: " وجعلنا نومكم سباتا " أي راحة لأبدانكم من عمل النهار. فقوله: " ولا الليل سابق النهار " أي غالب النهار، يقال: سبق فلان فلانا أي غلبه. وذكر المبرد قال: سمعت عمارة يقرأ: " ولا الليل سابق النهار " فقلت ما هذا؟ قال: أردت سابق النهار فحذفت التنوين، لأنه أخف. قال النحاس:
يجوز أن يكون " النهار " منصوبا بغير تنوين ويكون التنوين حذف لالتقاء الساكنين.